من اول نبي قال اما بعد

من اول نبي قال اما بعد

من اول نبي قال اما بعد، حيث إن أما بعد صيغة لغوية تستخدم للفصل بين ما سبقها وما سيأتي بعدها، وعادة ما تستخدم لاستئناف الكلام، أو في بداية الخطب والرسائل ومقدمات الكتب، بعد التحية مباشرة، ليدخل الراوي في صلب الموضوع، فقديمًا كان يستخدمها العرب في الخطابات وتسمى فصل الخطاب، فكان الملوك والأمراء يضعوها بعد التحية وقبل كتابة الموضوع الرئيسي، ومن الجدير بالذكر أنها تستخدم أيضًا بمعنى الآن، وهناك اختلاف بين من أول من نطق بها بين العلماء والباحثين.

اختلف العلماء والباحثين على من اول نبي قال اما بعد، حيث إنها أحد الصيغ المستخدمة كثيرًا في القدم، فكانت تقال في الخطب وتذك في الكتب وفي الرسائل الخطابية وغيرها، وينحصر اختلاف العلماء بين ثمانية من بينهم ثلاث أنبياء وهم:

  • آدم عليه السلام: حيث يقول أصحاب هذا الرأي أن سيدنا آدم هو أول الخليقة، والله علمه الأسماء والكلمات كلها، إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز:

“وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ”[ref]سورة البقرة (آية 31)[/ref]

  • داوود عليه السلام: فيقال أنه أول من نطق بها، واستند أصحاب هذا الرأي على أن الله منح سيدنا داوود الحكمة وفصل الخطاب، وكما عرفنا أعلاه أن أما بعد، تستخدم لفصل الخطاب في اللغة العربية، إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز.

وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ[ref]سورة ص (آية20)[/ref]

  • سيدنا يعقوب عليه السلام: يقول من يعتقد بأن يعقوب هو أول من نطق أما بعد، أنه ثبت عن سيدنا يعقوب أنه قال أما بعد عندما آتاه ملك الموت، فقال حينها (أما بعد فإنا أهل بين موكل بنا البلاء).

شاهد أيضًا: مهنة النبي داوود عليه السلام

أول من قال اما بعد

اختلفت رؤية الباحثين حول من قال أما بعد، فالبعض قال أن أول من نطق بها كان من الأنبياء والبعض قال بل كان من الشعراء والبعض له رأي آخر، وذلك على النحو التالي:

قس بن ساعدة: يقال أنه قالها في خطبة كان يخطب فيها العرب، ولمن لا يعرف قس بن ساعدة، فهو قس بن ساعدة الإيادي شاعر وحكيم ذاع صيته عند العرب، كما أنه عاصر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن قبل نزول الوحي حيث توفي عام 600م، أي قبل الهجرة بثلاثة وعشرين وعام، وكان يعرف بالبراعة في الكتابة والخطابة ولديه قوة الكلمة ورجاحة العقل.

  • يعرب بن قحطان: وهو ابن سيدنا هود عليه السلام، وكان لديه فصاحة اللسان وقوة البيان.
  • كعب بن لؤي: حيث ثبت عنه أنه كان يجمع الناس، ويقول لهم (أما بعد، اسمعوا وافهموا واعلموا وتعلموا، وهو الجد السابع للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان سيد قبيلة كنانة العربية.

وقال الناظم عن الخلاف الواقع بين العلماء في أول من قال أما بعد: 

جرى الخلف (أما بعد) من كان بادئا

ويعقوب أيوب الصبور وآدم

بها عد أقوالاً وداود أقرب

وقس وسحبان وكعب ويعرب

ثمانية، أقرب هذه الأقوال أنه داود عليه السلام

حتى قال بعض أهل العلم

إنها فصل الخطاب الذي أوتيه

وقيل أيضًا:

فهناك خلاف في الذي قد تقدما

ينطبق أما بعد فاحفظ لتنغما

فداود، يعقوب، وآدم أقرب

فقس، فسحبان، فكعب، فيعرب

حكم قول اما بعدد

لم يذكر عن النبي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه ألزم المسلمين بقول أما بعد، ولكنها أحد السنن المستحبة عن النبي، حيث كان يكثر القول منها في الخطب وفي الرسائل، كما ثبت أنه ذكرها في رسالته لهرقل ملك الروم حين كان يدعوه للدخول في الإسلام [ref]https://al-maktaba.org/book/31615/31288[/ref][ref]https://majles.alukah.net/t127845/[/ref].

لم يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول وبعد في أي من أحاديثه أو رسائله، بينما ذكر عن ثلاثين صحابي أنه كان يقول أما بعد في كل خطبه، كما روي البخاري في كتاب الأدب المفرد، عن هشام بن عروة، أنه رأى رسائل للنبي صلى الله عليه وسلم، فكلما انتهت قصة، قال أما بعد.

بذلك نكون وصلنا لنهاية مقال من اول نبي قال اما بعد، والذي عرضنا من خلاله اختلاف العلماء في أول من قال أما بعض، حيث إنها أحد الصيغ المستحبة والمستخدمة لفصل الخطاب، لذكرها في السنة النبوية الشريفة.

إغلاق