قصة سيدنا يوسف عليه السلام للأطفال مكتوبة كاملة
قصة سيدنا يوسف عليه السلام كما جاءت في القرآن الكريم في سورة مستقلة بذاتها، فهي من قصص الأنبياء التي ذُكرت بشكل مفصل بكل ما فيها من أحداث تخص سيدنا يوسف وأبيه يعقوب، لما وقع فيها من أحداث مميزة، في هذا الموضوع سنتعرف بشكل مفصل على قصة سيدنا يوسف، بالإضافة إلى مقتطفات من حياته قبل النبوة.
قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة
يوسف بن يعقوب بن إسحاق هو الابن رقم 11 لسيدنا يعقوب عليه السلام، وقد تمت الإشارة إليه في الأديان الثلاثة المقدسة، وسُميت السورة رقم 12 في القرآن الكريم باسمه نظرًا لأنها تضمنت كافة الأحداث الخاصة به وبالوقائع التي حدثت له، فأكثر ما اشتهر به نبي الله يوسف بأنه كان شديد الجمال وله القدرة على تأويل الأحلام فوصفه نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم وقال:
(إنَّ الكريمَ ابنَ الكريمِ ابنِ الكريمِ ابنِ الكريمِ يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ خليلِ الرحمنِ).
كما وصف الله عز وجل قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة بأنها أحسن القصص فقد خاطب رسول الله محمد ووجه له قوله تعالى
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ)
وقد أكد أهل العلم أنها أحسن القصص لأنها وضحت صبر سيدنا يوسف على أذى إخوته وعفا عنهم وتجاوز عن أفعالهم بسماحة.
لكن البعض الآخر من العلماء يرون أنها أحسن القصص لأنها تناولت الشمس والقمر والملائكة والشياطين والأنبياء والصديقين والممالك العظيمة وتصرفات الملوك
كما أشار الله عز وجل فيها للأحكام والتوحيد ومكر النساء وحيلهن وتأويل الرؤى المختلفة وحقيقتها والحكم والولاية والتصرفات السياسية المُحكمة.
البشارة بالنبوة والتآمر عليه
قال الله تعالى
(إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ * قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
تتضمن قصة قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة منامه الذي راوده وكان له البشارة بنبوته، ففي إحدى الليالي رأى الشمس والقمر و 11 كوكب يسجدون له فتأكد يعقوب عليه السلام من نبوة يوسف دونًا عن كل إخوته، ولم يكن ذلك بالأمر الخفي لذا لم يتمكنوا من كتمان الأمر طويلًا فقد امتلأت الصدور بالغل والحقد ليوسف أخيهم لتفضيل أبيهم له عنهم.
فاقترح أحدهم أن يقتلوه أو يلقونه في مكان بعيد حتى تأكله الوحوش ويتخلصون منه، قال تعالى
(اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ)
لكن لم تكون الفكرة صائبة فاقترح أحدهم أن يلقيه في بئر عميق وفي يوم من الأيام استأذنوا أبيهم وعاهدوه على الحفاظ عليه وحمايته.
لم يشعر يعقوب بالطمأنينة إثر ذلك لكنه توكل على الله وترك يوسف لأخوته، فأخذوه وألقوه في البئر وأنزل الله على قلبه سكينة فلم يخف ويحزن مما فعله إخوته به، وانتظروا حتى حل الليل ليضيع الطفل ولم يتمكن أحد من إيجاده وذهبوا إلى أبيهم يبكون ويظهرون الندم والحسرة وقلة الحيلة.
(قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)، كما أخذوا قميصه ولطخوه بدم كاذب وأكدوا أن الذئب قد أكله.
لا يفوتك أيضًا: قصة إسحاق عليه السلام مختصرة
رحلة يوسف عليه السلام إلى مصر
(وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ * وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ)
لم تنتهي قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة في تلك الحدث، فإلقاؤه في البئر كان مجرد بداية، فقد التقطه بعض المارة الذي يأخذوا يستريحون عن البئر من مشقة السفر، وأنقذوه بينما عرف إخوته بذلك وهرعوا إلى القافلة ليلحقوا بيوسف.
لكنهم لم يصرحوا أنه أخوهم لكنهم أكدوا أنه غلام لديهم فاقترح عليهم رجل من القافلة ليشتريه وقبلوا بذلك مقابل عدة دراهم قليلة
توجهت القافلة إلى مصر بيوسف بينما استقر هناك ونشأ في سوق الرقيق حتى يشاء المولى عز وجل أن يشتريه عزيز مصر، فأحبه العزيز وأوصى زوجته على إكرامه ومعاملته بالحسنى.
(وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
فقد كبر وبلغ أشده في بيت العزيز وهو خادم يحسن عمله إكرامًا لاحتواء العزيز له، فأتاه الله الحكمة والنبوة مقابل ما صبر عليه من أذى، فقال تعالى
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ).
لا يفوتك أيضًا: قصة يوشع بن نون عليه السلام كامله في القرآن
براءة يوسف عليه السلام
قال تعالى
(وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)
فقد أظهرت امرأة العزيز الود إلى يوسف ودعته إلى فعل الفاحشة لكنه أدرك أن ذلك ذنب عظيم وتراجع وتوجه إلى الباب لكنها سبقته إلى الباب خوفًا من أن يخرج ويخبر الجميع.
فجذبته من قميصه وقطعته له من الخلف، وفي نفس الوقت فتح العزيز الباب ورأى ذلك المشهد الذي يجمع بين الغلام الذي رباه وأكرمه وزوجته
لكنها بدأت تشكو إلى زوجها اعتداءه عليه ورغبته في ممارسة الفاحشة معها، وذلك ما كان بمثابة صدمة لنبي الله يوسف، لكنه دافع عن نفسه وأصر أنها من راودته عن نفسها، فكان العزيز في موقف صعب أيهما كاذب؟
فشهد شاهد أنها هي من راودته عن نفسها والدليل أن قميصه ممزق من الخلف ومعنى ذلك أنه كان يقاومها ويهرب وهي من تبعته وليس العكس
ظهرت البراءة في قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة في تلك اللحظة، فصدقه العزيز وطلب منه أن يتجاوز الأمر ولا يقصه على أحد وطلب من زوجته أن تستغفر ربها ليتوب عنها.
لا يفوتك أيضًا: قصة امرأة فرعون في القرآن بشكل مختصر
سجن سيدنا يوسف
قال تعالى :
(فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ * قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ).
جمعت امرأة العزيز نسوة البلدة بفضل ما حدث من انتشار لقصتها مع يوسف، ودعتهم إلى تناول الفاكهة وأدخلت عليهم سيدنا يوسف عليه السلام فقطعن أيديهم من شدة جماله، ثم اعترفت لهم بأنها راودته عن نفسه وكان ذلك دليل صريح على براءته لكنها توعدت له بالسجن والمهانة.
ذلك الجزء من قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة يشير إلى اختبار آخر وابتلاء، فدخل السجن دون خطأ لكي ينسى الناس الواقعة
وسُجن معه في نفس الوقت فتيان إحداهما خباز الملك والآخر ساقيه، فقصوا عليه رؤياهم لفصاحة عقله وحكمته البالغة، فمنهم من رأى أنه يعصر الخمر في كأس الملك والآخر رأى أنه يحمل فوق رأسه الخبز.
أكد يوسف على التوحيد بالله عز وجل وأنه لا ينجم إنما آتاه الله من فضله لأنه من بيت النبوة، فقال لهم أن واحدًا مهنهم سوف يخرج وينجو ويعمل كسابق عهده ساقي الملك.
أما الآخر فيُقتل ويُصلب وتأكل الطيور من رأسه، فبعد مرور 3 سنوات من السجن الموحش وهو يعاني من الظلمات والذل راود الملك رؤيا عجيبة.
فقد تضمن رؤيا الملك الشهيرة في قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة سبعة بقرات ثمان يأكلهم سبعة عجاف، وسبعة سنبلات يافعات وأخرى يابسات وكان يرغب في تفسير هذه الرؤيا ولجأ إلى كبار السحرة والمنجمين وقالوا أن ذلك أضغاث أحلام لا يمت للواقع بصلة لكنه لم يقتنع بذلك.
فقد قال أحد الحاشية -وهو الفتى صاحب رؤيا الخمر الذي فسرها له نبي الله يوسف- أن هناك رجل في السجن يفسر الرؤى بما لديه من حكمة ونبوة
وفسر الرؤيا بأن مصر تمر عليه سبعة سنين يملؤها المطر يتبعها سبعة آخرين لا تسقط فيهم قطرة من المطر، لكن في السنة الثامنة ينزل المطر والخير معه.
فعفى الملك عنه لكنه لم يقبل إلا بعد ظهور براءته وإظهار أن امرأة العزيز من راودته عن نفسه، فطلب من الملك أن يسمع قصة نسوة المدينة ولم يتمكنوا من قول الادعاءات في حضور الملك واعترفوا بالحقيقة وظهر الحق أمام الجميع، وعاقب الله عز وجل امرأة العزيز بفضيحتها أمام الجميع.
لا يفوتك أيضًا: فضائل تلاوة سورة يوسف أحسن قصص القرآن الكريم
تمكين يوسف في الأرض ومواجهة أخوته
ازداد حب الملك ليوسف إعجابه به وبتصرفاته وجعله من الحكماء أعيان الدولة وذلك بعدما تبينت براءة يوسف وذهب في شموخ مرفوع الرأس
فكان الكل يؤكد أن يوسف عليه السلام سيكون يومًا ما مكان الملك لكنه لم يهتم لذلك، حيث استغل يوسف مكانته ومرت السنوات الخصب واستغلها وملء خزائن الدولة حتى أتت السنوات العجاف ولم يرى أهل البلدة معاناة بفضل استراتيجية سيدنا يوسف.
فقد جاءوه إخوته يطلبون منه الطعام ولم يعرفوه فهم فارقوه وهو صغير، لكنه عرفهم بسهولة وأعطاهم الكثير من المؤن، لكن بشرط أن يحضروه أخيه الصغير المرة القادمة وأرسل ما يكفيه هو وأبيه.
وإن لم يعطوهم حقهم لا يقتربوا إلى مصر ولا يدخلوها، وعندما ذهبوا إلى أبيهم وطلبوا منه أن يأخذوا ابنه الأصغر إلى عزيز مصر فرفض وتذكر ضياعهم لابنه يوسف.
لكن عند موافقته وضع يوسف خطة محكمة ليبقي أخيه الصغير وهي أن يتهمه بالسرقة بعد أن أوصى أحد رجاله بوضع المكيال الفضي بين أغراضه .
وبالتالي استطاع يوسف عليه السلام أن ينتزع أخيه الصغير ولا جدوى من تركه يذهب من أخوته، وبعد محاولات لاستعادة الصغير كشف لهم يوسف نفسه وأرسل معهم قميصه ليضعه أبيه على عينيه ليسترد بصره.