أعلى مراتب الدين ولماذا الإحسان افضل مراتب الدين؟
ما هي أعلى مراتب الدين؟ وما علاقتهم ببعض؟ حيث إن الدين الإسلامي واحدًا من الأديان السماوية العظيمة التي اشتملت على جميع جوانب الحياة، فالقرآن الكريم لم يترك أي صغيرة أو كبيرة إلا و أحصاها، وهناك العديد من مراتب الدين الإسلامي التي يجب على كل مسلم ومسلمة أن يعرفونها، وهذا ما سوف نعرفه من خلال السطور القادمة.
أعلى مراتب الدين
إن الدين يحتوي على ثلاثة مراتب أساسية، وكل مرتبة من هذه المراتب لها عِدة أركان مختلفة، وعلى الرغم من ذلك إلا أن تلك المراتب ترتبط ببعضها ارتباطًا وثيق، وتتمثل مراتب الدين في كلًا من الإسلام، ومن ثم الإيمان، وكذلك الإحسان، يمكن الاستدلال على هذه المراتب بما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ورواه أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:
(كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فأتَاهُ جِبْرِيلُ فَقالَ: ما الإيمَانُ؟ قالَ: الإيمَانُ أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ ومَلَائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، وبِلِقَائِهِ، ورُسُلِهِ وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ. قالَ: ما الإسْلَامُ؟ قالَ: الإسْلَامُ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، ولَا تُشْرِكَ به شيئًا، وتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وتَصُومَ رَمَضَانَ. قالَ: ما الإحْسَانُ؟ قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ).
لكن يعتبر الإحسان هو أعلى مراتب الدين، لكونه يجمع بين كلًا من الإيمان والإسلام، وسوف نتعرف على جميع المراتب بشيء من التفصيل، من خلال الفقرات التالية:
1- الدين الإسلامي
يعتبر الإسلام هو واحدًا من ظواهر الأعمال، ويعمل على إظهار الجوارح، وكل مسلم ومسلمة ينتمون إلى هذه المرتبة، ويتم الدخول بها بمجرد نطق الشهادتين، وهي قول “أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله” بالإضافة إلى الحفاظ على جميع أركان الإسلام الأربعة المتبقية، وسوف نتعرف على أركانه كما يلي:
- قول الشهادتان: تكمن معناها في توحيد الله عز وجل والإقرار بأنه إلا واحد لا شريك له، والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول الله تعالى: (فَآمِنوا بِاللَّـهِ وَرَسولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذي يُؤمِنُ بِاللَّـهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعوهُ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ).
- إقامة الصلاة: على المسلم الحق أن يقوم بتنفيذ كل ما فرضه الله عز وجل على عباده المؤمنين، ومن أهمها إقامة صلاة الفروض الخمس، قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا).
- إيتاء الزكاة: إن الزكاة فُرضت على جميع المسلمين، فمن الواجب الإنفاق إن بلغ النصاب بالنسبة التي ذكرتها الشريعة، قال تعالى: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ).
- صوم رمضان: إن شهر رمضان من أكثر الشهور المباركة التي تنتظرها الأمة الإسلامية كلها، فهو الشهر الذي أنزل الله عز وجل على عباده المسلمين القرآن الكريم، وقال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).
- حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا: إن الحج واحدًا من أركان الإسلام التي فرضها الله عز وجل على عباده الذين يمتلكون القدرة عليه، قال تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً).
لا يفوتك أيضًا: أفضل 100 اسئلة دينية صعبة وسهلة مع الاجابة
2- الإيمان بالله
الإيمان بالله يقع في المرتبة الثانية من مراتب الدين، ويأتي بعد الإسلام الذي يُعد أعلى مراتب الدين، وهو تصديق لكل ما جاء في القرآن الكريم، قال تعالى:
(قالوا يا أَبانا إِنّا ذَهَبنا نَستَبِقُ وَتَرَكنا يوسُفَ عِندَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئبُ وَما أَنتَ بِمُؤمِنٍ لَّنا وَلَو كُنّا صادِقينَ).
جاء تعريف الإيمان اصطلاحًا على أنه تصديق كل ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وجاء به لنا، بالإضافة إلى أنه يشتمل على مجموعة الأفعال والأقوال التي يحرص عليها المسلم، ويمكن الاستدلال على مفهوم الإيمان بشكل أكبر، من خلال قول الله تعالى:
(هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ* الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ).
الإيمان بالله عز وجل من أهم الأشياء التي يجب على كل مسلم ومسلمة فعلها، بالإضافة إلى أنه يحب الامتثال لأوامر الله عز وجل، فالإيمان يعتبر سبب لدخول المرء الجنة، ويمكن الاستدلال على ذلك مما أخرجه الترمذي رحمه الله في سُننه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(ولا يَدْخُلُ الجنةَ إلا نفسٌ مؤمنةٌ).
إن الإيمان بالله عز وجل واحدًا من مراتب الدين التي لها أركان هامة مثل أركان الإسلام، وهي تأتي على النحو التالي:
- الإيمان بالله عز وجل وبوجوده حولنا في كل شيء، وأنه إلا واحد فقط، لا يوجد له ولدًا، ولا شريك في المُلك.
- الإيمان بالكتب السماوية التي أنزلها الله عز وجل على جميع رُسله واحدة من أركان الإيمان الهامة، فالله عز وجل أنزل ثلاثة كتب سماوية وهما الإنجيل، والتوراة، والزبور الذي خص به سيدنا داوود عليه السلام.
- الركن الرابع من أركان الإسلام هو الإيمان بالرسول التي أرسلها لنا الله عز وجل، فعلى كل المؤمنين بالله تصديق ما ورد به الرسل.
- الإيمان باليوم الآخر من أركان الإيمان، واليوم الآخر هو يوم الموقف العظيم، أو يوم الحساب، وفيه يُحاسب للعبد على أعماله في الدنيا وينال منها الحسنات على فعل الخير، أو السيئات على فعل الذنوب والمعاصي، كما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم الصراط بأنه أظلم من الليل، وأدق من الشعرة.
- آخر ركن من أركان الإيمان، هي أن يؤمن المسلم بالقدر الذي يحدث له، سواء كان خيرًا، أم شرًا، فعليه أن يؤمن به، فكل شيء يحدث للإنسان في الدنيا يكون لسبب، لا يعرفه إلا الله عز وجل.
يمكن الاستدلال على ما سبق من أركان الإيمان في قول الله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا” (136)
الرُسل كانوا أول من آمنوا بالله عز وجل، وفقًا لقوله تعالى: “آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ” (سورة البقرة 285)
لا يفوتك أيضًا: 200+ دعاء النسيان مكتوب افضل 10 أدعية للطلاب عند الامتحانات
3- الإحسان في جميع الأعمال
إن الإحسان ما هو إلا إتقان المسلم لجميع الأعمال التي يأمر بها الله عز وجل وإتمامها على خير وجه، ويعتبر واحد من أعلى مراتب الدين، ويجمع الإحسان بين مرتين من مراتب الدين، وهما الإسلام والإيمان، فعلى العبد أن يقوم بالإحسان في أي شيء يفعله، وفقًا لقوله تعالى:
(إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوا وَالَّذينَ هُم مُحسِنونَ).
هناك مرتين أساسيتين للإحسان، وهما عبادة الله عز وجل وكأننا نرى واقعًا، والمرتبة الثانية هي إدراك أن الله عز وجل يرانا في كل وقت وحين، فإن لم نكن نراه فهو يرانا دومًا، ونحن في معيته ورعايته دومًا، ويمكن الاستدلال على رؤية الله عز وجل لنا من قوله تعالى:
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ* الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ* وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ* إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
إن خشية الله والخوف منه بالرغم من عدم رؤيته واحدة من أهم الأشياء التي تحقق الإيمان للعبد المسلم، ولا يمكن أن يستطيع العبد تحقيق الإحسان إلا بعد أن يتمكن من الامتثال إلى أحكام الدين الإسلامي وجميع درجات الإيمان.
جميع أعمال الإنسان سواء كانت ظاهرة للعلن أو باطنة فهي تندرج تحت مرتبة الإحسان لكونه أعلى مراتب الدين، فالله وحده يعلم ما في النفوس وهو وحده قادرًا على تهذيبها وتقويمها.
لا يفوتك أيضًا: افضل 10 ادعية مستجابة لقضاء الدين وفك الكرب
هل تشير جميع مراتب الدين إلى نفس المعنى؟
إن هناك علاقة واضحة تربط بين مراتب الدين المختلفة، حيث إن لفظ الإيمان والإسلام إن ذكروا بعيدًا عن بعض، أي أن كل لفظ منهما ذُكر في نص منفردًا، فإن المقصود منهم يشير إلى نفس المعنى، لكونهم معتمدين على بعضهما، ويمكن الاستدلال على ذلك بالنظر إلى أركان كلًا منهما.
أما في حال ذكروا مع بعضهما في نص واحد فإن الإسلام هنا يشير إلى الأعمال الظاهرة التي يمكن المسلم الإفصاح بها، مثل الصلاة والشهادة والزكاة وغيرها، بينما الإيمان الأشياء التي لا يستطيع إثباتها، مثل الإيمان باليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وغيرها من الأمور المعنوية التي يُقرها العبد في داخله.
إن أعلى مراتب الدين واحدة من المراتب التي تجمع بين مرتبتين معًا، والمُسلم الحق من يدرك كل تلك المراتب ويبلغها، بل ويقوم بتنفيذ كل ما ورد فيها لنيل رضا الله عز وجل.