الصحابي الذي هاجر مع الرسول وأهم المعلومات عنه
الصحابي الجليل الذي هاجر مع النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قد كان له عدة مواقف أخلاقية تعبر عن قوة إيمانه وشدة حبه لأشرف الخلق، كما أن له عدة أعمال لنصرة الإسلام ونبي الله تعالى لا يضاهيها أي عمل آخر، وفيما يلي نتناول نبذة عن مواقفه خاصةً أثناء الهجرة.
أبو بكر الصديق
مولده | مكة 573 م بعد عام الفيل |
لقبه | العتيق، الصديق |
أبنائه | عبد الرحمن، عبد الله، أسماء، محمد، أم كلثوم، عائشة |
زوجاته | قتيلة بنت عبد العزي، أم رومان، حبيبة بنت خارجة، أسماء بنت عميس |
عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي، كُنيّ بأبي بكر الصديق وهو الصحابي الجليل الذي اختاره النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لكي يهاجر معه من مكة إلى المدينة كما أمره الله تعالى.
قد أخذ أبو بكر الصديق لقب العتيق والصديق يقال لأنه كان جميلًا الشكل والوجه، وقديم في الخير، وفي بعض الأحاديث قيل لأن أمه لم يكن يعيش لها أولاد، فلما ولدته قالت “اللهم إن هذا عتيقك من الموت فهبه لي”.
أمه سلمى بن صخر بن عمرة بن كعب بن سعد بن تيم، وهي ابنة عم أبيه، ونشأ وترعرع أبو بكر في مكة، وعمل في التجارة حينما كان شابًا، واستطاع أن يحقق النجاح الكبير فيها.
لا يفوتك أيضًا: قصة هجرة الرسول من مكة الى المدينة
صفات أبو بكر الصديق
من أهم المعلومات التي ذكرت عن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ هي صفاته التي تعد مثالًا للمرء المسلم، فقد كان حسن الخلق، رقيق الطباع، لم يشرب خمرًا قط حتى قبل إسلامه، لم يشارك قومه في معتقداتهم، لم يغلبه الهوى، لا تتملك منه الشهوة، يتميز بالرجاحة وسداد الرأي.
كما قد كان أول من أسلم بالنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ حينما بُعث، ولم يحتاج إلى الكثير من الحجج والأدلة، فلم يتردد لحظة في التوحيد بالله تعالى والإيمان به، وقد كان له دور كبير في دخول عدد كبير من الناس للإسلام لحبهم له وفهمهم أنه رجيح العقل.
فقد أسلم على يديه كل من عثمان بن عفان، طلحة بن عبيد الله، سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وغيرهم، ومن الجدير بالذكر أن الصديق قد كان ذو قوة وشجاعة جعلت أذى المشركين لا يناله بقدر ما نال المستضعفين منهم.
خبر هجرة النبي إلى المدينة
قد كانت هجرة المسلمين من مكة إلى المدينة من النقاط الفارقة في تاريخ الإسلام، حيث إنها ما رسّخت تعاليم الدولة والمفاهيم للإخاء بالنسبة للصحابة ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ.
بعدما أمر الله تعالى نبيه الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالهجرة من مكة إلى المدينة لكي يتجنب بطش كفار قريش، وأنهم قد خططوا لأن يتم قتله، فقد أعدّ الخطط لكي تتم تلك الهجرة بالشكل الصحيح والآمن بعيدًا عن مرأى الكفار.
عندما أخبر أشرف الخلق أصحابه بأن الله تعالى قد أمر بالهجرة إلى المدينة تلميحًا لا صراحةً كان أول من طلب أن كون مرافقًا له هو أبو بكر الصديق، وهنا طلب منه النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ الانتظار فقد يكون رفيقًا له نفسه.
|
فهم أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ تلك الرسالة وقد فاضت عينيه بالبكاء حينما علم أنه سوف يصاحب النبي في هجرته، فحينما أذن الله تعالى للنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن يهاجر من مكة قد أخبر أبا بكر لكي تفيض عينيه بالدموع من فرط السعادة.
لا يفوتك أيضًا: كيف نزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم
اختيار أبو بكر للهجرة
وُرد في حديث نبوي عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قد كان له موعد لزيارة أبي بكر الصديق كل يوم، لا يكون هناك اختلاف في تلك المواعيد أبدًا، الأول يكون في الصباح الباكر عند طلوع الشمس والثاني عند غروبها.
لكن ذات يوم قد أتى النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ إلى منزل أبي بكر الصديق، علم صاحبه وقتها أن هناك أمر جلل وعظيم قد جاء به في غير موعده، استأذنه النبي أن يتحدث معه بمفردهما، وقد قال له صاحبه أن الموجود ابنتيه فقط في المنزل، فأخبره النبي الكريم أنه قد أُذن له بالهجرة، ففرح أبو بكر الصديق لأنه اختاره لمرافقته.
|
قد كان اختيار النبي الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ لصاحبه أبي بكر ناجم عن رغبته في صحبته دونًا عن أهل المدينة لذلك لم يجعله يذهب معهم، وفي ذات الوقت كان أبو بكر الصديق منتظرًا لأن يختاره رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ له رغبةً منه في فدائه بروحه.
من ثم عرض عليه أبي بكر الصديق أن يأخذ واحدة من الإبل التي أعدّها لتلك الهجرة، وقد قبلها عليه الصلاة والسلام ولكن بقيمتها، وفي ذلك إيثار لنبي الله تعالى لأبي بكر ومنفعته عن نفسه، حيث أبى أن يأخذ تلك الراحلة دون ثمن.
أبو بكر الصديق وحسن التصرف في الشدة
قد بدأ رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ طريق الهجرة في الليل بالظلام مع صاحبه الذي لازمه من أو خطوة، وحكى أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ في حديث نبوي أنهما سارا ليلة كاملة بواسطة الراحلة التي اشتراها، وأكملا السير حتى الظهيرة من اليوم التالي، إلى أن خلا الطريق من الناس.
فظهرت صخرة كبيرة في الطريق كان ظلها ممدود فسوىّ الصحابي الجليل ـ رضي الله عنه ـ لنبي الله مكانًا لينام عليه، وفرش به فروة من جلد حيوان مذبوح، وفي ذلك يظهر لنا صفات هامة عن صحابي النبي وهي المروءة وشدة حبه له.
فقال له حينما أعدّ له المكان لينام نمّ يا رسول الله وأنا سوف أنفض لك الغبار وما شابه من حولك وأحرسك، وهو من حسب الأدب والكلام وقت الشدة لكي يطمئن كل طرف، فنام بالفعل رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ وحرسه أبو بكر.
حينها جاء راعي غنم لكي يستظل في نفس الصخرة، وسأله أبو بكر الصديق إن كان يمكنه حلب اللبن لعابري السبيل وإن كان صاحب الغنم يسمح بذلك له، فأجابه بنعم ومن ثم طلب منه أن ينفض عن ثدي الشاة أي من الأوساخ أو الأتربة لكي يكون اللبن نقي.
ذهب أبو بكر الصديق إلى النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لكي يشربه من إناء به ماء يرتوي بها ولكنه وجده نائمًا فخشي أن يوقظه وانتظره حتى يستيقظ، وارتوى النبي بالفعل منها، واطمأن أبو بكر الصديق لما شعر أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قد شبع.
كذلك كان أبو بكر الصديق محب لصديقه برأي ابن حجر، ويعلم أمة الإسلام كيفية الوقوف لجانب الصديق ـ على حق ـ في الأزمات، كما أن في الحديث النبوي تعليم لطريقة الأكل والشرب وتنظيف ما يتم أكله بقدر الإمكان واصطحاب آلة في السفر.
لا يفوتك أيضًا: قصة حذيفة بن اليمان كاتم سر الرسول
دعاء النبي لسراقة بن مالك نجاه من الموت
أكمل النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ السير في طريق الهجرة مصاحبًا له أبي بكر الصديق لكي يوضح لنا مدى مواقفه الجميلة التي توضح صفاته، حتى أن لحق ركبهم سراقة بن مالك، وكان في ذلك الحين كافر، وخاف أبو بكر الصديق وأخبر أشرف الخلق أنه لا يخاف سوى على النبي لا على نفسه.
|
فأجابه النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ألا يحزن فالله معهما، ودعا النبي عليه فارتطمت فرسه وغاصت في باطن الأرض، إلى أن طلب سراقة أن يدعوا له بالخلاص، وتعهد أن يُضلّ طريق من يبحث عنهما من المشركين، وبالفعل دعا له رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ حتى خرجت فرسه ونجا، وحينما كان يسأل أحد عن طريقهما يقول إنه قد ذهب في الاتجاه المخطئ وقد بحث هنا ولم يجدهم.
خاصةً بعدما علم النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن الكفار قد خططوا لأن يتم قتله، وأمروا بأن هناك جائزة لمن يأتي بمحمد أشرف الخلق ميتًا أو حيًا مقابل 100 ناقة، وعندما علموا بأن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ سوف يكون مرافقًا له في رحلته، قد وضعوا جائزة أخرى 100 ناقة لمن يأتي بصاحبه معه كذلك.
|
غار حراء وبكاء أبو بكر الصديق
قد اختبأ النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وأبا بكر في غار حراء خوفًا من رؤية المشركين لهما حينما تتبعهما، ومن قلق أبو بكر وخوفه أن يرهما المشركين إن نظروا إلى الأسفل قد أخبره النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ألا يحزن أو يخف فإن الله ثالثهما، وحينها قد كانت معجزة حراء عندما جعل الله تعالى عنكبوت يقيم شبكاته على باب الغار كأنه مهجور ولا يتواجد فيه أحد.
|
من ثم أكمل كل من أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وأشرف الخلق طريقهما ليصلا إلى المدينة المنورة في وصف ورد بسنة الصحابة أنه كان شديد الفرحة، وقد التقى الناس بهما بكثير من الخدم والنزاع على من سينزل النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقد كان بني النجار أخوال عبد الطلب هم الأكرم.
موقف الصديق من رحلة الإسراء
قد كانت حادثة الإسراء والمعراج من الاختبارات لشدة إيمان المسلمين في عهد النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ حيث إنها كانت بعدما مات عم النبي وزوجته خديجة ـ رضي الله عنها ـ، وكانت بعدما لقى النبي التحريض من أهل الطائف عليه.
فأسرى به الله تعالى إلى المسجد الأقصى وعرج به إلى السماء، ولكن المشركين قد اتخذوا من تلك الحادثة طريقًا للسخرية من نبوته، والتشكيك في دعوته.
لكن هنا ظهر موقف أبو بكر القوي الذي يوضح إيمانه وشدة حبه للنبي وتصديقه له، فقد جاء إلى المسجد وجلس مع النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ واستمع له وهو يصف له بيت المقدس، وكان قد رأى في وصفه ما رآه من قبل في زيارته للبيت المقدس، فصدقه وأخرس ألسنة كل مشرك، وثبتت قلوب المؤمنين وأعاد ثقتهم في أنفسهم.
لا يفوتك أيضًا: ادعية شهر شعبان مفاتيح الجنان
جمع خصال الخير في يوم واحد
من ضمن المواقف الجميلة عن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ أنه جمع ما بين خصال الخير في يوم واحد بذاته، وهم الصوم إلى الله تعالى، اتباع جنازة متوفى، إطعام مسكينًا، أعاد مريضًا وقال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن تلك الخصال ما إن اجتمعت في مسلم يدخل الجنة.
الصديق جمع القرآن الكريم
من أهم المعلومات عن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ أنه أمر بجمع القرآن الكريم لأول مرة في خلافته فهو أول الصحابة الذين تولوها بعد وفاة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ، وكلّف زيد بن ثابت بتلك المهمة كيلا يضيع القرآن الكريم أو ينساه المسلمون ويتعرض للتحريف كما اقترح عليه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ.
موقف الصديق من وفاة النبي
أهم المعلومات المذكورة في سيرة الصحابة عن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ هي ما تتضمن موقفه الجميل حينما سمع بخبر وفاة أشرف الخلق، ففيه قد حرص على دعم رباط المسلمين وأن يظلوا معتنقي الإسلام بعدما اضطرب عمر بن الخطاب نتيجة سماعه الخبر.
فتشهد عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ، وأخبر الناس أن من يعبد النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ فإنه قد مات، ولكن الله تعالى الذي يعبدونه بحق لم يمت وحي دائمًا، وذلك ما جاء على لسانه من عبد الله بن عباس:
|
وفاة أبو بكر الصديق
قد توفيّ أبو بكر الصديق عن عمر يناهز 63 عامًا في يوم الاثنين بجمادي الأول عام 13 من الهجرة، بعدما استمر في الخلافة سنتين وثلاثة أشهر و22 ليلة، وكان من وصاياه أن يتم تغسيله من قبل زوجته أسماء بن عميس وابنه عبد الرحمن، وطلب أن يوضع مع النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ.
لا يفوتك أيضًا: احاديث عن محبة الرسول للأنصار
مواعظ وأقوال أبو بكر الصديق
ذكر في سيرة الصحابة بعض الأقوال والمواعظ الهامة لأبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ، وهي ما تحمل في مكنونها الكثير من المعاني الطيبة والجليلة، ومن ضمنها ما يلي:
“إن العبد إذا دخله العجب بشيء من زينة الدنيا، مقته الله تعالى حتى يفارق تلك الزينة”.
” اللهم أنت أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرًا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون”.
” أما بعد، أيها الناس فإني قد ولِّيت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني، وإن أخطأت فقوموني، ولا تأخذكم في الله لومة لائم، ألا إن الضعيف فيكم هو القوي عندنا حتى نأخذ له بحقه، والقوي فيكم ضعيف عندنا حتى نأخذ الحق منه طائعًا أو كارهًا، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم”.
في ختام مقال الصحابي الذي هاجر مع الرسول قد كان أبو بكر الصديق من أكثر صحابة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ حبًا له وإيمانًا به، كما أن دوره في نصرة الإسلام جعلته أولى الناس بعد وفاة الرسول لتولية الخلافة، ليترك لنا معنًا لأخلاقيات المسلم والصاحب الكريم.