هل السجائر حرام في الإسلام أم مكروهة
هل السجائر حرام؟ أحد أكثر الأسئلة المطروحة على أهل العلم من المسلمين على مدار العصور المختلفة، ويرجع هذا بسبب تفشي ظاهرة التدخين بين الكثير من الناس، سواء كان بشرب السجائر أو الشيشة ومثل هذه الأنواع من الدخان، وعلى الرغم من الأضرار الكبيرة المعروفة لدى الناس جميعاً حتى الجاهل منهم
والذي يسببها التدخين. إلا أننا نجد أن الكثير منهم لا يزال يصر على التدخين، ولكن يظل الجانب الديني هام لديهم، مما يجعلهم يتساءلون عن حكم شرب السجائر في الشريعة الإسلامية، وما إن كانت حرام أم مكروهة فقط؟
هل السجائر حرام شرعاً
على الرغم من أنه في الماضي كان يتواجد خلاف بين بعض العلماء على ما إن كان تدخين السجائر حرام أم لا. إلا أن في النهاية والبعد الرجوع إلى الدلائل الشرعية من الكتاب والسنة، كان الرد على سؤال هل السجائر حرام شرعاً؟ هو نعم السجائر حرام في الدين الإسلامي.
وعلى الرغم من أن البعض يقول بأنه لا يوجد في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة نص صريح يدل على تحريم السجائر وما شابها من الدخان. إلا أنه بالقياس إلى الأمور المحرمة في الدين الإسلامي وسبب تحريمها، يمكن توضيحها في النقاط التالية :
- الضرر الصحي أو النفسي.
- تُعد من الرجث لأنها ليست من الطيبات.
- سبباً في إهدار المال.
- الضرر الذي يعود على الآخرين بسبب السجائر.
وعليه فإنه قد تم الاتفاق بين جمهور الفقهاء على أن السجائر حرام شرعاً، ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر أن يصر على تدخينها؟!
لأنه على الرغم من أن البعض ينظر إليها على أنها من الذنوب الصغرى التي يفعلها الجميع. إلا أن هذه الذنوب هي ما تؤدي إلى فعل الكبائر منها والإصرار على عصيان الله، من الضلال الذي يؤدي إلى طريق الشيطان، ومن ثم إلى عذاب نار جهنم في الآخرة.
هل بيع السجائر حرام
اتفق جمهور الفقهاء على أن السجائر من المحرمات في الشريعة الإسلامية، وبناء عليه. يمكن الإجابة على سؤال هل بيع السجائر حرام؟ بنعم، لأنه لا يجوز شرعاً بيع ما هو محرم أو يكون سبباً في ضرر الناس. هذا ويمكن القياس على الخمر.
التي هي من المحرمات في الدين الإسلامي. لذلك لا يقتصر الحكم فيها على تحريم شربها فقط بل بيعها أيضاً, كما جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الذي يقول:
جاء في صحيح مسلم (1579): «إن رجلا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل علمت أن الله قد حرمها ؟ قال : لا . فسار إنسانا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بم ساررته ؟ فقال : أمرته ببيعها . فقال : إن الذي حرم شربها حرم بيعها».
هل العمل في شركة السجائر حرام
لا يحرم الخالق -سبحانه وتعالى- أمراً إلا وكان في مصلحة عبده. لذلك عندما تم القياس على الأحكام الشرعية التي تحرم بعض الأشياء في الدين الإسلامي مثل الخمر وغيره والأضرار التي تسببها للإنسان مع الآثار السلبية الكبرى التي تسببها السجائر على مدخنها أو على مَن حول. جاء الحكم بالاتفاق بين الأئمة الأربعة الكبار وجموع العلماء على أن السجائر والتدخين حرام شرعاً، واتبع هذا الحكم بيعها وتصنيعها وكل ما هو له علاقة بيه.
لذلك تكون الإجابة نعم العمل في شركة السجائر حرام شرعاً. هذا ويمكن القياس في هذا الحكم على حديث رسولنا الكريم -صلوات الله عليه وتسليمه-. الذي لا يقتصر الحكم فيه على تحريم الخمر في الإسلام بل وتصنيعه وبيعه وكل مَن يعمل من أجل تصنيعه.
روى أبو داود (3674) وابن ماجه (3380) عن ابن عمر -رضي الله عنهما-. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه». وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
هل الدخان حرام أم مكروه
قبل الإجابة على سؤال هل التدخين حرام أم مكروه؟ يجب التفريق بين معنى الحرام والكراهة في الفقه الإسلامي، والذي يمكن توضيحه بسهولة, كالتالي:
- الحرام: هو كل ما منعه الله -سبحانه وتعالى- ورسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز فعله! لأن فعله يحمل الإنسان ذنباً ويحاسب عليه بينما تركه يجاز عليه المرء.
- المكروه: هو الأمر الضار الذي حذر منه الله ورسوله. إلا أنه لم يمنع نهائياً في الدين الإسلامي، وبالتالي يكون عدم فعله أفضل للإنسان إلا أن فعله لا يجعل المرء يأثم.
وفيما يخص هل الدخان حرام أم مكروه؟ فإنه بالنظر إلى الآثار السلبية العائدة على المدخن ومَن حوله، وهو ما لا يتناسب مع أوامر الله ورسوله, كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. فإن التدخين حرام، والمدخن آثم. إلا أن كبر الذنب وصغره وجزائه، هو أمر علمه عند الله -سبحانه وتعالى-.
هل التدخين حرام ابن باز
عندما سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن هل التدخين حرام أم لا؟ أجاب الشيخ على أن جميع الأدلة تشير إلى تحريم التدخين، وهذا الحكم يشمل السجائر والشيشة ونحوها من المدخنات. وأوضح ابن باز
أن الدلائل الطبية قد أشارت إلى الأضرار الكبرى الناتجة عن التدخين سواء كان للمدخن أو على مَن حوله. هذا بِجانب الدلائل الشرعية، في كلِِ من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة
والتي تشير إلى تحريم التدخين حتى ولو بصورة غير مباشرة، واستند الشيخ -رحمه الله- على الأدلة الشرعية التالية:
- الدخان بأنواعه المختلفة من الخبائث وليس الطيبات، مثله مثل الخمر.
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). [الأعراف: 157].
- الدين الإسلامي يحلل الطيبات فقط، وليس الخبائث.
(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ….). [المائدة: 4].
- حرم المولى -عز وجل- ضر النفس، والتدخين يضر المدخن نفسه ويسبب له الأمراض المختلفة.
(وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). [البقرة: 195).
- حرم الخالق -سبحانه وتعالى-، قتل النفس، والتدخين يسبب ذلك حتى ولو بعد فترة طويلة.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا). [النساء: 29].
- التدخين يضر المدخن، وغيره من غير المدخنين.
عن أبي سعيدٍ سعد بن سنانٍ الخدري -رضي الله عنه-. قال: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: «لا ضرر ولا ضرار».
وبناء على الدلائل الشرعية من الكتاب والسنة، وإجماع أهل الطب وحتى بالتجربة من الذين كانوا يدخنون. فإنه يتضح مدى الضرر العظيم الذي يتركه الدخان مثل السجائر وغيرها، وعليه اتفق جمهور الفقهاء ومن بينهم الشيخ ابن باز -رحمه الله- على تحريم الدخان والتدخين.
هل التدخين حرام دار الإفتاء المصرية
أجابت دار الإفتاء المصرية على سؤال هل التدخين حرام؟ من خلال موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت، ويمكنكم التعرف على الإجابة بالتفصيل من خلال “هذا الرابط“.
هذا ويمكن توضيحها هنا، بأن إجابة العلماء داخل دار الإفتاء المصرية، لم تختلف إجابتهم عن مختلف إجابات العلماء وهي: التدخين حرام شرعاً
واستندت دار الإفتاء في إجابتها هذه على عدد من الأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي تتفق مع ما عرضه الشيخ ابن باز -رحمه الله-. إلا أنهم قد أضافوا إليها بعض الدلائل الأخرى.
- الدخان من الخبائث وليس الطيبات.
(…. يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ…). [الأعراف: 157].
- الإسلام يحرم كل ما هو ضار للنفس والجسد والمال والناس، والدخان يسبب كل هذا الضرر.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ضرر ولا ضرار».
- نهى الرسول عن المفطرات، والدخان من المفترات.
جاء في حديث أم سلمة رضي الله عنها. قالت: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر». رواه الإمام أحمد وأبو داود.
- يأذي المدخن الله ورسوله بتدخينه هذا! لأنه يؤذي نفسه ويؤذي غيره.
قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : «من آذى مسلما فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله». رواه الطبراني في الأوسط.
- المدخن يؤذي الملائكة بتدخينه هذا.
جاء في الصحيحين عن جابر -رضي الله عنه-. قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، قال: «فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم». أخرجه مسلم.
- حرم الله -سبحانه وتعالى- إهدار المال، والدخان يسبب في ضياع الكثير منه.
جاء في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. أنه قال: «إن الله عز وجل حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعا وهات، وكره لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال».
هل السجائر الإلكترونية حرام
روجت دولة الصين منذ عدد من السنوات السيجارة الإلكترونية، مؤكدة على أنها ليست بدرجة الضرر الذي تسببه السيجارة الحقيقية. إلا أن الدراسات الحديثة، قد أثبتت أنها تحتوي على كمية كبيرة من النيكوتين الذي هو المكون الرئيسي للسجائر, كما أنها تسبب أضرار كبيرة على الصحة لكل من يدخنها.
مما دفع بعض الدول الأوروبية الكبرى إلى منه استيرادها، والتي قالت بأن السجائر الإلكترونية أكثر خطراً من السجائر الحقيقية.
وبناء على مثل هذه الدراسات والأبحاث العلمية والطبية، قال أهل العلم في الشريعة الإسلامية. أن الإجابة على سؤال هل السجائر الإلكترونية حرام؟ سوف تكون نعم حرام شرعاً، ولا يجوز تدخينها، ويرجع سبب تحريمها إلى ذات الأسباب التي حرمت بسببها السجائر والدخان بكل أنواعه.
هل التدخين حرام للمرأة
لا يختلف الحكم الشرعي في الدين الإسلامي بين الرجل والمرأة؛ فلكل سواء أمام رب العزة -تجلى في علاه-. فجد أن القرآن الكريم يذكر حكم الزنا على كلِِ من الرجل والمرأة دون التفريق بينهما، في قوله تعالى:
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ). [النور: 2].
كما أنه -سبحانه وتعالى-، قد ذكر عقوبة السرقة على كلِِ من الذكر والأنثى، وذلك في قوله تعالى:
( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). [المائدة: 38].
وتوضح مثل هذه الآيات أن الأحكام الشرعية لا تفرق بين الرجل والمرأة. بل أنها تطبق على كلِِ سواء. أي أن الحرام يكون حرام على الرجل وحرام على المرأة معاً، والحلال كذلك. مما يعني أن التدخين حرام للمرأة والرجل.
ختاماً، نرجو أن نكون قد وضحنا الإجابة على سؤال هل السجائر حرام؟ من خلال آراء العلماء، وما استندوا عليه مما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. إلا أنه في حالة كان لديكم استفسار آخر حول هذه المسألة، يمكنكم طرحه في التعليقات أسفل هذا الموضوع.