أهم الفوائد حول الخصخصة للموظفين والدولة وعيوبها
تختلف الخصخصة عند تطبيقها من بلد لآخر، إن الخصخصة بذاتها لا تعد هدفًا بقدر كونها وسيلة تستهدف تطبيق برنامج إصلاحي للعملية الاقتصادية، مواكبةً تغييرات جذرية في إدارة الاقتصاد بالدولة.. هذا ولا تخلو من بعض السلبيات جنبًا إلى جنب مع آثارها الإيجابية التي لا تُنكر.
أولًا: فوائد الخصخصة للموظفين
من المصطلحات الحديثة نسبيًا، أشير إليها بأكثر من مسمى في الكتابات الاقتصادية.. فهي تعزو إلى التحول إلى القطاع الخاص وانتقال الملكية إليه بدلًا من القطاع العام.. وهي في معناها الأكثر شمولًا تعني بإدخال قوى العرض والطلب والمنافسة إلى الدولة.
ظاهرة هي.. غير محددة بتعريف بعينه على مستوى الدول إنما يتفاوت مفهومها من بلد لآخر حسب ما يتم تطبيقه على أرض الواقع، فيمكننا القول إنها فلسفة اقتصادية تسعى في المقام الأول إلى تحويل بعض القطاعات -التي لا ترتبط بسياسة الدولة العليا- من القطاع الحكومي إلى الخاص.
من الممكن أن يجني الموظفين من تطبيق الخصخصة بعض المميزات، وهي:
- تحسين الأداء، الأمر الذي يستتبع تحسين الإنتاجية.
- إن كانت هناك بعض العيوب الإدارية، والتي من أمثلتها “البيروقراطية الجامدة” فإن الخصخصة من شأنها أن تصلح تلك العيوب.
- تحرر الحكومات من أعباء كثيرة كانت ملقاة على عاتقهم، ومنها ما يتعلق بالموظفين، كالمعايير التي يتم الاختيار عليها الموظف الكفء.
- زيادة الروح التنافسية بين الموظفين، الأمر الذي يزيد من الإنتاج.
- تزيد الخدمات عندما يزيد الاستثمار جراء تطبيق تلك السياسة.
- لا مجال للوضع الروتيني في تقديم الخدمات، كما كان الحال سلفًا، حيث يعمل الموظف على تخليص كافة المهام المنوط بها بوتيرة أفضل.
- تخلص الخصخصة جوًا من الإبداع وفرصًا للتميز والظهور على الساحة، لتحقيق الإنجاز والتطور المنشود.
- تخلق كذلك فرصًا للموظفين الجدد، فتجدد من مصادر الدخل، ويكون من شأنها رفع الإنتاجية.
لا يفوتك أيضًا: شروط تمويل الأسرة من بنك التسليف للموظفين
ثانيًا: عيوب الخصخصة للموظفين
شقٌ آخر في موضوع فوائد الخصخصة للموظفين والدولة وعيوبها.. حيث نتطرق هاهنا إلى ما يُذكر في عيوب تطبيق الخصخصة بالنسبة للموظفين، إيجازًا كما يلي:
- داخل الدولة وإثر تطبيق الخصخصة تزداد الأيدي العاملة العاطلة، بسبب تسريح العمالة من المؤسسات العمومية.
- أشارت بعض الدراسات إلى أنها تستغنى عن موظفي الدولة وتؤدي إلى هدمها، من خلال تحجيم رقابتها.
- في بعض الأحيان قد لا تجد الدولة الكفاءات التي تعول عليها في الاختيار.
ثالثًا: إيجابيات الخصخصة للدولة
طالما استحوذت الخصخصة على اهتمام الدول، المتقدمة منها والنامية.. لأنها في الواقع بمثابة سياسات متكاملة موضوعة من أجل الاعتماد على آليات السوق بشكل أكبر، في إطار تحقيق التنمية الاجتماعية.
بيد أنها وبأي حال لا تنطوي على انتقال وحدات القطاع العام إلى الخاص فحسب، بل تتجاوز ذلك لتكون أشمل مضمونًا في تحقيق أهداف الترشيد الاقتصادي وزيادة المنافسة والكفاءة والإنتاجية وكذلك الحد من القيود البيروقراطية.
أثبتت بعض الدلائل الموضوعية أن الخصخصة من شأنها أن ترفع من مستوى الأداء الاقتصادي، بل والسياسي، وهذا لا يقتصر على الدول المتقدمة فقط، بل في الدول النامية أيضًا، وهنا نشير إلى مثال حيّ في ذلك الصدد..
في الدراسة الصادرة عن البنك الدولي في أواخر القرن العشرين تم تقييم المكاسب والخسائر الناجمة عن تطبيق الخصخصة في 12 شركة تعمل في أسواق غير تنافسية في 4 دول (المملكة المتحدة، المكسيك، ماليزيا، تشيلي)، وكانت النتيجة تؤول إلى أن كفة المكاسب تفوقت على الخسائر بشكل ملحوظ، وهذا ما ينم عن تعدد فوائد الخصخصة للموظفين والدولة.. وعيوبها محدودة.
من الجدير بالذكر.. كلما كانت الأهداف واضحة، كلما كان برنامج الخصخصة في طريقه إلى النجاح، فمثلاً:
- إن كانت الدولة تعاني من الركود الاقتصادي، من الممكن أن تبدأ في خصخصة المؤسسات الرابحة الكبيرة، حتى تتمكن من زيادة الإيرادات.
- من الممكن أن تحول المؤسسة العامة إلى خاصة.. إن كانت ترغب في زيادة الدخل.
- بينما إن كانت الدولة ترغب في زيادة الكفاءة في الأداء، فمن شأنها أن تدير المؤسسات الرابحة من خلال الشراكة مع مؤسسات أجنبية.
ربما تكمن إيجابيات تطبيق الخصخصة في دولة ما في كونها تساهم بشكل كبير في عملية التحول الوطني، من خلال:
- التقدم الاقتصادي في الدولة من أولى الآثار الإيجابية الناتجة عن الخصخصة، مما يعني سعيها إلى مزيد من التنمية لتصبح في مصاف الدول الأكثر تقدمًا.
- عندما يزداد دخل الموظف، يزداد بالتتابع الدخل القومي ويلقى رواجًا.
- تكون الدولة قادرة على تقديم الخدمات إلى مواطنيها والمستثمرين فيها بشكل مناسب وبتكلفة معقولة.
- تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال تخفيف العبء المُلقى على الموازنة الحكومية.
- إتاحة الفرصة لاستخدام موارد الدولة في القطاعات الاستراتيجية، حتى تخفض من الإنفاق العام، الأمر الذي يخلق مزيدًا من التوازن في الموازنة العامة.. ويعود بالنفع على المواطنين.
- من أكثر النتائج الإيجابية الملحوظة في تطبيق الخصخصة بالدولة تعزيز الاستثمار الأجنبي.
- تُقتسم المخاطر بين القطاع الحكومي والخاص، فكل قطاع يعمل على إصلاح ما بدر من أخطار تقع على كاهله.
- تشجيع القطاع الخاص على تنفيذ المشاريع المطلوبة في خدمة الوطن.
- زيادة قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة التحديات.
لا يفوتك أيضًا: معنى الخصخصة في التعليم
رابعًا: سلبيات الخصخصة للدولة
للخصخصة منظورين، عنينا بهما في موضوعنا عن فوائد الخصخصة للموظفين والدولة وعيوبها، فهي من رؤية اقتصادية تهدف إلى استغلال الموارد لتحقيق الإنتاجية الأعلى، من خلال حصر تدخل الدولة في العملية الاقتصادية في حالات الضرورة فحسب، بيد أن المنظور الآخر وهو السياسي يتضمن اختزال دور الدولة وتأثيرها في المجالات الأساسية كالأمن الداخلي والدفاع وما إلى ذلك.
رغم ذلك إلا أن قرار تطبيق الخصخصة يحمل في طياته مخاطرة للدولة، لأنها بمثابة سياسة تنموية جديدة، يجب أن تلقى التأييد والرضا الشعبي، وبطبيعة الحال لا تنجح كافة السياسات الجديدة وتأتي بنتائج كما تتوق الحكومات..
من هنا نجد أن أولى عيوب الخصخصة للدولة تكمن في كونها سياسة وفلسفة جديدة ربما تلقى الرفض والمقاومة، كذلك من سلبيات الخصخصة في الدولة ما يلي:
- أن الخصخصة لم تكن قادرة على إنجاز الأهداف التي كانت تسعى إلى تحقيقها في قطاعات الدولة.
- قد لا يتم استخدام الفوائض التي تم تحقيقها من الخصخصة في المجالات المناسبة.. الأمر الذي يتضح في سوء الاستخدام.
- ربما ينجم عن الخصخصة نشوء المصلح الخاصة، واحتمالية استخدام أساليب غير منوط بها حتى يحصل القطاع الخاص على العقود بطرق غير شرعية.
- الرهان الموضوع على الخصخصة بأنها علاج للمشكلات الاقتصادية في البلدان يعتبر في غير محله، لأن هناك شروط تتطلبها حتى تنجح.. تلك الشروط لا تجدها في البلدان الرأسمالية.
- من سلبياتها تركيز الحكومة على التخلص من مؤسساتها الخاسرة، بعد أن ازداد العبء عليها نتيجة ارتفاع الديون والفوائد، مع تراكم الخسائر.
- إن التحويل الكلي أو الجزئي لملكية مؤسسات الدولة إلى القطاع الخاص يعتبر في نظر البعض تفضيلًا للاعتبارات الاقتصادية على حساب الاعتبارات الاجتماعية.
- تنخفض قيمة العملة الوطنية، لأنها في الدول النامية لا يتوافر لها قوة اقتصادية كافية حتى تدعم التعامل معها في الأسواق المالية.
- تحدث احتمالية لرفع الدعم الحكومي عن السلع الاستهلاكية الأساسية.. والأمر يشكل فارقًا ملحوظًا لذوي الدخل المحدود.
- تظهر نسبة من المجتمع تتميز بالدخل العالي مقارنة بغيرهم، مما يستتبع التفاوت الاجتماعي والطبقي، والأمر يتعلق بمد الاستقرار في الدولة بأي حال من الأحوال.
- صعوبة حل المشكلات المتعلقة بعقود الامتياز واستخدام العلامات التجارية من المؤسسات العمومية عند نقل ملكيتها إلى القطاع الخاص.
- غنى عن البيان أن الاعتماد على القطاع الخاص في الأمر الاستراتيجي قد ينجم عنه سيطرة أجنبية وانكشاف خارجي بشكل لا يُحمد عقباه.
ولا يفوتك أيضًا:- مفهوم الخصخصة وأنواعها وأسبابها
مشكلات تطبيق الخصخصة
هناك عدة إشكاليات تواجه الدول النامية خاصةً عند تطبيق الخصخصة، فبغض الطرف عن فوائد الخصخصة للموظفين والدولة وعيوبها إلا أن الأمر يختلف عند الدول النامية في مواجهة بعض العقبات عند التطبيق.. نشير إليها فيما يلي:
صعوبة إقناع المواطنين بجدوى الخصخصة | فمثل تلك السياسة بحاجة إلى ثقافة ومبادئ ومبادرات. |
سيطرة القطاع العام على النشاط الاقتصادي | الأمر الذي يؤدي بدوره إلى بعض الصعوبات الاقتصادية، علاوةً على تدني مستوى الإنتاج. |
افتقار مقومات اقتصاد السوق | وهو من أهم شروط الخصخصة، مما يعني وجود اختلال في الأسعار نتيجة تحكم الحكومة في الموارد. |
تكاليف تطبيق الخصخصة | تتعدد تكاليف سياسة الخصخصة وتتنوع، الأمر الذي لا يتناسب قط مع حال الدول النامية. |
مشكلة اختيار أنشطة تبقى في يد الحكومة | ما يتعلق بأولوية اختيار المشروعات الاحتكارية.. لأن الخصخصة من المفترض أن تنطوي على التدرج لا التسرع في التحول من العام إلى الخاص. |
مشكلة تقييم المشروعات الخاضعة للخصخصة | الأمر الذي يعود إلى عدم ثبات القوة الشرائية الناتج عن التضخم، فلا مجال للتقييم الدقيق للمشاريع. |
التصرف في فائض العمالة | تلك المشكلة الناجمة عن معارضة بعض الموظفين على سياسات الخصخصة خوفًا من فقدان وظائفهم. |
نعلم أنه ليس من السهل التحول من القطاع العام الذي تستند إليه الدولة في نهجها إلى القطاع الخاص، إلا أنه لا زالت تلك العقبات قابلة للعلاج بالشكل الذي يجعل برنامج الخصخصة في طريقه إلى النجاح.
لا يفوتك أيضًا: مفهوم الخصخصة الاقتصادية
كيف تنجح الخصخصة؟
ربما يعترينا عند النظر إلى فوائد الخصخصة للموظفين والدولة وعيوبها أن نلقي الضوء على تلك العيوب ووضع المزيد من الحلول لمنع وجودها من الأساس.. حتى يكون نظامًا ناجحًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لذا تنج الخصخصة من خلال ما يلي:
إعادة هيكلة الإنتاج | جنبًا إلى جنب مع الدورات التكنولوجية الصاعدة، لتعزيز دور الخدمات الإنتاجية. |
قواعد محاسبية صارمة.. في حصيلة البيع | أي عدم إدراج حصيلة بيع وحدات القطاع العام في بند إيرادات الموازنة العامة للدولة. |
ميزان المعاملات الرأسمالية | من خلال قدرة الدولة على بناء تكتل اقتصادي كشرط مسبق لنجاح الخصخصة، هذا لأن الاستثمارات الأجنبية لا تتوجه إلى بلد بعينه بقدر ما تتوجه إلى إقليم. |
ضمانات وقائية في سوق العمل | لأن سوق العمل في ظل الخصخصة يفقد أطره المؤسسية، فيكون هناك مجالًا لتراجع الأجور والاعتماد على العمالة الوقائية.. الأمر الذي يتطلب تنظيم الضمانات الوقائية. |
شركات الإدارة المحترفة | هي بمثابة مفتاح للأداء المنشود، باعتبار أن عقود الإدارة ستكون من أهم أشكال الخصخصة في القطاع السلعي. |
احتواء الفقر والبطالة | حيث تلكما الظاهرتان تخلقان فئات اجتماعية مهمشة، تنسلخ من النسيج الاجتماعي لتمزقه، من هنا يتوجب احتوائهما حتى لا تمزق معه وحدة السوق. |
لا يجدي أن نربط نجاح الخصخصة بمؤشرات الأداء المالي والموازنة، لكن الأحرى أن نطرح عدة معايير مرجعية عند الاستناد إليها يُمكن أن تشهد الدولة نجاحًا محققًا من تلك السياسة.. الأمر الي يتسنى بالوعي أن الخصخصة هي استراتيجية تعزز من القوة الاقتصادية.
المتطلبات الواجب توافرها لتطبيق الخصخصة
لا ينبغي التطرق إلى فوائد الخصخصة للموظفين والدولة وعيوبها دون الأخذ في الاعتبار تلك العوامل التي يجب توافرها عند تطبيق تلك السياسة، ألا وهي:
تحرير الأسعار وسوق العمل | بإعطاء الفرصة لقوى العرض والطلب حتى تعمل على تخصيص الموارد وفقًا لآليات السوق. |
تعزيز المنافسة في السوق | في إطار تحقيق الكفاءة الإنتاجية، والتوزيع الأمثل للموارد، وتوفير فرص متكافئة. |
تحرير النظام النقدي والمالي | حتى يتم تحرير الاقتصاد وتحرير الأسعار، وزيادة استقلالية البنك المركزي. |
تحرير القطاع الخارجي | من خلال الاعتماد على التعريفة الجمركية حسب نوع السلعة، وتخفيف القيود.. |
جملة القول في حديثنا عن فوائد الخصخصة للموظفين والدولة وعيوبها، نشير إلى أنها نظام جديد يحمل مجموعة من المميزات والعيوب، ففي حال تفوق العيوب عن المميزات يكون النظام فاشلًا ولا يستدعي التطبيق وفقًا لظروف الدولة ومتغيراتها، بيد إن تفوقت المميزات، يشهد هذا النظام نجاحًا إن تكللّ باتباع بعض الاعتبارات والمعايير.
ولا يفوتك أيضًا:- نظام التخصيص في المملكة والقطاعات الخاضعة للخصخصة