أحاديث الإمام علي عن آخر الزمان
تعتبر أحاديث الإمام علي عن آخر الزمان من أفضل الأقوال المأثورة عن السلف الصالح، فالإمام عليّ بن أبي طالب- وهو ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يترك لنا مجالًا للحديث، إلا وترك بصمته الخالدة فيه، لذا ومن خلال ما يلي سنتعرف على أقوال عليّ بن أبي طالب.
أقوال الإمام علي بن أبي طالب عن يوم القيامة
أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه في آخر الزمان تظهر علامات الساعة، فمنها خروج المسيح الدجال والمهدي المنتظر وما إلى ذلك من السمات الدالة على اقتراب خروج الأموات من القبور للمحاسبة.
كذلك الإمام عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه، أخبرنا عن الدلائل التي تظهر في آخر الزمن من أجل إخبارنا أن القيامة على وشك الحدوث، حيث لا حياة على الأرض بعد ذلك.. فترك لنا العديد من الأقاويل، والتي من الممكن أن نتعرف على بعض منها من خلال ما يلي:
“سلوني أيّها النّاس قبل أن تفقدوني ـ ثلاثًا ـ فقام إليه صعصعة بن صوحان فقال: يا أمير المؤمنين، متى يخرج الدجّال؟
فقال رضي الله عنه: احفظ، فإنَّ علامة ذلك، إذا أمات النّاس الصلاة، وأضاعوا الأمانة، واستحلّوا الكذب.. وأكلوا الرِّبا.. وأخذوا الرُّشا، وشيّدوا البنيان، وباعوا الدِّين بالدُّنيا، واستعملوا السفهاء.. وشاوروا النساء، وقطعوا الأرحام، واتّبعوا الأهواء، واستخفّوا بالدِّماء.. وكان الحلم ضعفًا، والظلم فخرًا، وكانت الاُمراء فجرة، والوزراء ظلمة، والعرفاء خونة، والقرَّاء فسقة، وظهرت شهادة الزُّور، واستعلن الفجور.. وقول البهتان، والإثم والطغيان، وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد..
وطوّلت المنارات، واُكرمت الأشرار، وازدحمت الصفوف، واختلفت القلوب، ونقضت العهود، واقترب الموعود، وشارك النساء أزواجهنَّ في التّجارة حرصاً على الدّنيا، وعلت أصوات الفسّاق واستمع منهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، واتُّقي الفاجر مخافة شرِّه، وصُدِّق الكاذب، وائتُمن الخائن.
كذلك نوه علي بن أبي طالب أن المحرمات من شأنها أن تظهر في آخر الزمان.. كما أخبرنا رسولنا الكريم من قبل، حيث قال الإمام ما يلي: “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أخذَ حريرًا فجعلَه في يمينِه وأخذَ ذَهبًا فجعلَه في شمالِه ثمَّ قالَ إنَّ هذينِ حرامٌ على ذُكورِ أمَّتي”.
لا يفوتك أيضًا: أفضل أدعية الرسول عليه الصلاة والسلام
أحاديث الإمام عليّ عن الساعة
الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.. كان من أفضل الرجال الذين شهدتم الأرض.. فقد كان قويًا فطنًا يتسم بالذكاء، حيث كان يستمد ذلك من خبراته التي تلقاها على يد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقد كان ملازمًا له طوال حياته.
الجدير بالذكر أن عليّ بن أبي طالب هو من آمن بنبوة رسول الله من الصبيان، لذا فهو يعلم الكثير عن علامات يوم القيامة لما كان يسمع منه، فقد قال علي بن أبي طالب ما يلي:
“كُنَّا في جَنَازَةٍ في بَقِيعِ الغَرْقَدِ فأتَانَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَعَدَ وقَعَدْنَا حَوْلَهُ، ومعهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قالَ: ما مِنكُم مِن أحَدٍ وما مِن نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلَّا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، وإلَّا قدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أوْ سَعِيدَةً قالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أفلا نَتَّكِلُ علَى كِتَابِنَا، ونَدَعُ العَمَلَ؟ فمَن كانَ مِنَّا مِن أهْلِ السَّعَادَةِ، فَسَيَصِيرُ إلى عَمَلِ أهْلِ السَّعَادَةِ، ومَن كانَ مِنَّا مِن أهْلِ الشَّقَاءِ، فَسَيَصِيرُ إلى عَمَلِ أهْلِ الشَّقَاوَةِ، قالَ: أمَّا أهْلُ السَّعَادَةِ فيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أهْلِ السَّعَادَةِ، وأَمَّا أهْلُ الشَّقَاوَةِ فيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أهْلِ الشَّقَاءِ، ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَن أعْطَى واتَّقَى وصَدَّقَ بالحُسْنَى}”.
الكثير من الأشخاص كان الفضول يسيطر عليهم، فيهمون بسؤاله -رضوان الله عليه- عن العلامات التي تظهر في آخر الزمان.. كونه قد كان ملازمًا لرسول الله، حيث كان يرد عليهم قائلًا:
“تكتفي الرجال منهم بالرجال والنساء بالنساء، فعند ذلك الغم الغميم، والبكاء الطويل، والويل والعويل لأهل الزوراء من سطوات الترك، وما هم الترك؟ قوم صغار الحدق، وجوههم كالمجان المطرقة لباسهم الحديد، جرد مرد يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ملكهم جهوري الصوت، قوي الصولة.. عالي الهمة.. لا يمر بمدينة”.
لا يفوتك أيضًا: أحاديث عن عقوق الآباء للأبناء إسنادها صحيح
حديث الإمام علي بن أبي طالب عن اقتراب الساعة
هناك العديد من الدلالات التي أخبرنا بها عليّ بن أبي طالب.. والتي تدل على أن الساعة على وشك الحدوث، فكان يقول ذلك من أجل أن يعد الناس العدة للقاء الله عز وجل، يوم لا ينفعهم سوى أعمالهم الصالحة، فهي التي تؤنسهم في قبورهم وتحول بينهم وبين أشد العذاب.
لذلك نجد أن أقواله في أواخر الزمن وقيام الساعة ليست بقليلة.. فحينما أراد أحد الصالحين أن يسأله التحدث عن علامات الساعة، أجابه عليّ بن أبي طالب بما يلي:
“إذَا كَانَ زَعيمُ القَومِ فَاسِقَهُمْ، وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ، وَعُظِّمَ أَرْبَابُ الدُّنيَا، واسْتُخِفَّ بِحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ، وَكَانَتْ تِجارتُهُمُ الرِّبَا، وَمَأكَلُهُم أَمْوَالَ اليَتَامَى، وَعُطِّلَتِ الْمَسَاجِدُ، وَأَكْرَمَ الرَّجُلُ صَدِيقَهُ وَعَقَّ أباهُ، وتَواصَلُوا على الباطل وعطَّلُوا الأرْحامَ، واتَّخذُوا كتابَ اللهِ مَزَاميرَ، وَتُفُقِّهَ لِغَيرِ الدِّينِ، وَأَكَلَ الرَّجُل أَمَانَتَهُ، وَاؤتُمِنَ الخَائِنُ، وَخُوِّنَ الأمَنَاءُ، واسْتُعْمِلَتْ كَلِمَةُ السُّفَهَاءِ، وَزُخرِفَتِ المَسَاجِدُ، وَزُخْرِفَتِ الكَنَائِسُ، وَرُفِعَتِ الأصوَاتُ فِي الْمِسِاجِدِ، وَاتُّخِذَتْ طَاعَةُ اللهِ بِضَاعَةً، وَكَثُرَ القُرَّاءُ، وَقَلَّ الفُقَهَاءُ، وَاشتَدَّ سَبُّ الأتقِيَاءِ، فَعِنْد ذَلِكَ تَوَقَّعُوا رِيحاً حَمْرَاءَ، وَخَسْفًا وَمَسْخًا وَقَذْفًا وَزَلازِلَ وَأُمُوراً عِظَامًا”.
لم يكن الأمر استعراضًا لخبرة علي بن أبي طالب في الحياة أو كثرة حكمته التي يود أن يمن على الناس بها، فقد كان ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر الناس تواضعًا.. بل كان يقوم بسرد علامات الساعة مرارًا وتكرارًا من أجل أن يتمسك الناس بدينهم وشعائره قبل أن يفوت الأوان، ولا يقبل الله توبتهم.
ففي الدين الإسلامي لا يقبل الله التوبة من المنافق الذي يقوم بها إن شعر أن الأجل على وشك الوقوع أو أن القيامة لم تلبث أن تحدث.. لذا كان دائمًا ما يذكر المسلمين أن هناك حياة أبدية لم نعشها بعد، علينا أن نضعها عين الاعتبار.
لا يفوتك أيضًا: دعاء قضاء الحاجة وتيسير الأمور في نفس اليوم مكتوب مستجاب
أقوال الإمام عليّ في الأمور الدنيوية
ملازمة عليّ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لفترة طويلة من الزمن، أكسبته الكثير من المعلومات الفقهية التي جعلت منه أميرًا للمؤمنين بعد أن توفي رسول الله..
فعليّ لم يكن ليفوت جلسة من جلسات رسول الله التي يستفيض فيها من الحديث مع أصدقائه، فيعلمهم أمور الدين التي شرعها الله من أجل العيشة الهانئة في الدنيا والآخرة.
فقد قال على في إحدى الخطب ما يلي: “لَمَّا نزَلَتْ هذه الآيةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12] قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِعَلِيٍّ: (يا علِيُّ مُرْهم أنْ يتصدَّقوا) قال: يا رسولَ اللهِ بِكَمْ؟ قال: (بدينارٍ) قال: لا يُطيقونَه قال: (فبنِصفِ دينارٍ) قال: لا يُطيقونَه قال: (فبِكَمْ)؟ قال: بشَعيرةٍ قال: فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِعَلِيٍّ: (إنَّكَ لَزهيدٌ) قال: فأنزَل اللهُ: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [المجادلة: 13] قال: فكان علِيٌّ يقولُ: بي خُفِّف عن هذه الأمَّةِ”
كذلك في مرة أخرى، كان علي بن أبي طالب ملازمًا لحبيبه المصطفى، فقال في شأن ذلك ما يلي:
” كنتُ رجلًا إذا سَمِعْتُ من رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ حديثًا نفعَني اللَّهُ منهُ بما شاءَ أن ينفعَني، وإذا حدَّثَني أحدٌ من أصحابِهِ استَحلفتُهُ، فإذا حلَفَ لي صدَّقتُهُ، قالَ: وحدَّثَني أبو بَكْرٍ وصدقَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ، أنَّهُ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقولُ: ما مِن عبدٍ يذنبُ ذنبًا، فيُحسنُ الطُّهورَ، ثمَّ يقومُ فيُصلِّي رَكْعتينِ، ثمَّ يستغفِرُ اللَّهَ، إلَّا غفرَ اللَّهُ لَهُ، ثمَّ قرأَ هذِهِ الآيةَ: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ إلى آخرِ الآيةِ”.
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، خاصة ابن عمه علي بن أبي طالب.. كانوا من أكثر الناس ورعًا من الله عز وجل، لذا وجب علينا اتباع أحاديث الإمام علي عن آخر الزمان.. والاقتداء به.