أحاديث عن عقوق الآباء للأبناء إسنادها صحيح
هل سمعتم يومًا بأحاديث عن عقوق الآباء للأبناء ؟ أليس أمر العقوق مقتصر على الأولاد؟ على الرغم باعتقادنا أن العقوق مقتصر على الأبناء للآباء، إلا أن ديننا الحنيف قد تناول كافة التعاملات الدنيوية بما فيها اضطهاد الأب لابنه.. وهو ما يسمى في الإسلام عقوقًا أيضًا، ولكن من نوع آخر.. وهو ما تناوله الرسول- صلى الله عليه وسلم- وسنتعرف عليه من خلال أحاديثه الشريفة عبر السطور التالية.
أحاديث عن عقوق الآباء للأبناء
في بعض الأحيان يقسو الآباء على أبناءهم ظنًا منهم أن التربية تكون كذلك.. وهو أمر بالغ الخطورة، لأن ذلك من شأنه أن يولد كراهية الولد لأبيه دون أن يشعر.. فكونه كان سببًا في أن يأتي إلى الدنيا لا يعطيه الصلاحية في التحكم في تفاصيل حياته بالطريقة التي تؤذيه.
حيث إن ذلك يسمى عقوقًا أيضًا.. فدين الإسلام قائمًا على العدل، ولا يرضى الله -سبحانه وتعالى- أن الأب يجور على حق الابن تحججًا بولايته عليه.. فهو أمر منبوذ للغاية، فكما أوجب الله على الابن أن يكون بارًا بوالده.. كذلك على المسلم أن يكون بارًا بابنه.
ذلك من خلال رعايته له والتعامل معه باللين واللطف، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز:
“فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” سورة آل عمران الآية رقم 159.
الجدير بالذكر والذي يجب أن نسلط عليه الضوء أن هناك الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم.. والتي من شأنها أن تخبرنا أن للولد حق على والده، كما أن للأب حق على ابنه.. فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
“كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، الإمامُ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ راعٍ في أهْلِهِ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِها ومَسْئُولَةٌ عن رَعِيَّتِها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سَيِّدِهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ قالَ: – وحَسِبْتُ أنْ قدْ قالَ – والرَّجُلُ راعٍ في مالِ أبِيهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، وكُلُّكُمْ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ” (صحيح) رواه عبد الله بن عمر.
لا يفوتك أيضًا: أحاديث نبوية عن بر الوالدين مكتوبة
أحاديث نبوية عن عقوق الآباء
بالنظر إلى الحديث السابق نجد أن الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- لم يقول إن للأب أن يفرض سيطرته على الابن مادام هو ولي أمره.. بل كان أنه راع في أهله، أي عليه أن يحسن معاملة كافة أفراد الأسرة وأن يكون مصدر الأمان لهم وأن يشعرهم بحبه حتى يكونوا أسوياء ولا يبغضونه يومًا.
كذلك على الأب والأم أن يكونا عادلين في المعاملة بين الأبناء.. فهذا نوع آخر من البر بهما.. فقد روى النعمان ابن البشير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلًا:
“سَأَلَتْ أُمِّي أبِي بَعْضَ المَوْهِبَةِ لي مِن مَالِهِ، ثُمَّ بَدَا له فَوَهَبَهَا لِي، فَقالَتْ: لا أرْضَى حتَّى تُشْهِدَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخَذَ بيَدِي وأَنَا غُلَامٌ، فأتَى بيَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنَّ أُمَّهُ بنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْنِي بَعْضَ المَوْهِبَةِ لِهذا، قالَ: ألَكَ ولَدٌ سِوَاهُ؟، قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَأُرَاهُ، قالَ: لا تُشْهِدْنِي علَى جَوْرٍ وقالَ أبو حَرِيزٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، لا أشْهَدُ علَى جَوْرٍ” (صحيح).
بالنظر إلى الحديث الشريف نجد أن الأم والأب أرادا أن يفرقا بين الأخوة بإعطاء واحد منهم وهبة دون الآخر.. وهو مالم يوافق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.. كذلك قرآننا الكريم قد حذرنا من تلك التفرقة التي من شأنها أن تعمل على الكراهية بين الأخوة.
فبالتعرف على قصة سيدنا يوسف -عليه السلام- نجد أن أخوته قد كرهوا وجوده بسبب تفضيل والده له.. حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز:
” إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ* قَالَ يَٰبُنَىَّ لَا تَقْصُصْ رُءْيَاكَ عَلَىٰٓ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ ٱلشَّيْطَٰنَ لِلْإِنسَٰنِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ” سورة يوسف الآية رقم 4، 5.
لا يفوتك أيضًا: احاديث عن بر الوالدين
حديث شريف عن الرفق بالأبناء
من أجلّ الأمور التي يجب أن يتنبه إليها الأبناء ألا يعصون الأب ما دام لا يطلب شيئًا فيه معصية لله عز وجل، فقد حثنا القرآن الكريم على طاعة الوالدين في كافة الأمور.. لكن على صعيد آخر نجد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يجور على حق الأبناء.
فكلما كان هناك أي من المواقف التي تذكر تجني الأب على ابنه، نجد أن رسولنا الكريم لا يتوانى في جلب حق الولد من والده.. فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
“قَبَّلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ وعِنْدَهُ الأقْرَعُ بنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأقْرَعُ: إنَّ لي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ ما قَبَّلْتُ منهمْ أحَدًا، فَنَظَرَ إلَيْهِ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثُمَّ قَالَ: مَن لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ” (صحيح).
على الرغم من أن الأمر يبدو هينًا.. فما هي إلا قبلة، إلا أن من شأنها أن تغير الحالة النفسية للصبي أو الولد، فهو يشعر من خلالها بحنان أبيه عليه.. فكون المرء يشعر بأنه محبوب من ذويه، هذا من شأنه أن يدفعه إلى تقديم أفضل ما لديه لهم.
فكم سمعنا عن المشكلات الأسرية الوخيمة بسبب قسوة قلب الأب على الابن.. وكم مر علينا من حوادث الانتحار التي يكون سببها أن الأب لا يتواصل مع نجله سواء من خلال الود الحاني الذي يشعره بعاطفة الأبوة.. أو من خلال الحديث في أي من أمور الحياة المختلفة.
لا يفوتك أيضًا: اجمل دعاء للأم مكتوب ادعية لأمي مستجابة
حديث رسول الله عن معاملة الأبناء
دين الإسلام دين المعاملة الحسنة والتعامل الآدمي، فمن يجور على ابنه بالتعذيب أو الظلم الشنيع لا يستحق أن نقول عليه مسلمًا.. فهو لا يمتثل إلى الآداب التي وضعها الله في التعامل، ولم يتخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة.. فكانت النتيجة أب عاص.. وابن كاره له.
فيجب على الأب أن يسعى أن يشعر ابنه بحبه له منذ الصغر، فما الذي يحول بينه وبين تقبيله واحتضانه منذ مهده.. فقد روى الصحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه-:
“كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكانَ لي أَخٌ يُقَالُ له: أَبُو عُمَيْرٍ، قالَ: أَحْسِبُهُ، قالَ: كانَ فَطِيمًا، قالَ: فَكانَ إذَا جَاءَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَآهُ، قالَ: أَبَا عُمَيْرٍ ما فَعَلَ النُّغَيْرُ قالَ: فَكانَ يَلْعَبُ بهِ” (صحيح).
هنا نرى رحمة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ورفقه بالصغير الذي لم يتجاوز عمر الثلاثة أعوام.. فعلى الرغم من انشغاله إلا أنه لم يتوانى في إظهار الحب والدلال للطفل الصغير الذي لا يدرك شيئًا.
على الرغم من أن الموقف يبدو بالغ الصغر.. إلا أنه يحفر في الذاكرة فلا يخرج من الطفل إلا بوفاته.. كذلك تعامل الأب مع ابنه من شأنه أن يخلد في ذاكرته العديد من الآثار السيئة إن كان الأب جاف حاد الطباع.. لذا يجب أن يتنبه الآباء لما يفعلونه بنفسية أبنائهم، فهم ذخر الحياة الدنيا لهم.
لا يفوتك أيضًا: أجمل دعاء للأم مستجاب
حديث السنة النبوية عن الأبناء
قال الله -عز وجل- في سورة الكهف الآية رقم 46: “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا“.
فهم خير متاع للأب في الحياة الدنيا.. حيث يتكئ عليهم حين يكبر ويركن إليهم، حين يجد الدنيا قد أصبحت خالية من الأصدقاء والزملاء وكل المحيطين بالسابق.
لذا على الأب أن يحسن معاشرة ابنه وأن يتقي الله فيه حتى يأخذ بيده في الدنيا ويكون الولد الصالح الذي يدعو له بعد وفاته.. فقد روى بريدة بن الحصيب الأسلمي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال:
“بينما رسولُ اللَّهِ على المنبَرِ يخطبُ إذ أقبلَ الحسنُ.. والحسينُ عليهِما قميصانِ أحمرانِ يمشيانِ ويعثُرانِ.. فنزلَ وحملَهما.. فقال: صدقَ اللَّه: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ رأيتُ هذينِ يمشيانِ ويعثرانِ في قميصيْهما فلم أصبر حتَّى نزلتُ فحملتُهما”.
بالنظر إلى كافة الأحاديث عن عقوق الآباء للأبناء.. ومن بينهم الحديث السابق، نجد أنه على الرغم من تكرار الخطأ من الابن في فترة تعلمه.. حريٌّ بالأب أن يكون الجانب اللين الطيب الذي يأخذ بيده إلى طريق الرشاد.
يجب أن تكون علاقة الأب وابنه علاقة حب واحترام متبادل.. حتى يشعر الابن بالأمان، ويشعر الأب ببر الابن وحنانه.