أحاديث عن علم الغيب ومفاتح الغيب خمس
وردت الكثير من الأحاديث عن علم الغيب في العموم عن رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه التي أخبرنا فيها عن الكثير من الأشياء التي أعلمه بها الله سبحانه وتعالى، وفيما يلي سنذكر أحاديث عن علم الغيب في السطور القادمة.
أحاديث عن علم الغيب مكتوبة
يؤكد الرسول عليه الصلاة والسلام أن الله هو عالم الغيب ولا يعلم الغيب إلا هو سبحانه وتعالى، وحتى من يعلم شيئاً من الغيب فهو من عِند الله، أخبر به الأنبياء وبعض الصالحين ممن اصطفاهم من خلقهِ سبحانه هو أحكم الحاكمين يعلم ما لا نعلم.
“مَفاتِحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لا يَعْلَمُها إلَّا اللَّهُ: لا يَعْلَمُ ما في غَدٍ إلَّا اللَّهُ، ولا يَعْلَمُ ما تَغِيضُ الأرْحامُ إلَّا اللَّهُ، ولا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتي المَطَرُ أحَدٌ إلَّا اللَّهُ، ولا تَدْرِي نَفْسٌ بأَيِّ أرْضٍ تَمُوتُ، ولا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا اللَّهُ”[عن عبد الله بن عمرو: صحيح].
مفاتح الغيب التي ذكرها الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، خمس لا يعلمهم إلا الله سبحانه وتعالى والمفاتيح في اللغة العربية حين تبحث وتتقصى، تجد أن المفاتيح هي الشيء الذي يتم الوصول بواسطته إلى الشيء المقفل أو الغير ممكن الوصول له إلا بالمفاتيح، وكذلك الغيب لا يعلم مفاتحه وطريقة حدوثه إلا هو سبحانه وتعالى.
- أولًا: وضح أنه لا أحد في الأرض ولا في السماء يعلم ما الذي سيحدث غداً من خير أو شر لله العلم وحده بالغيب إلا من استأثر به الله أحداً من عبادهُ الصالحين والأنبياء.
- ثانياً: من غير الممكن معرفة ما يوجد في رحم الأم إن كان ذكراً أو أُنثى، أبيض أو أسمر، كامل أم مُبتلى بنقص في جسده وغيرها من الأمور الغيبية.
- ثالثاً: فإن موعد المطر كما نعلم جميعاً لا يعلمهُ إلا الله.. فهنا الكثير ممن يقول إن الأمطار ستأتي في يوم كذا في منطقة كذا، لكن هذا لا يزيد عن كونه توقعاً ليس أكثر، من خلال تتبع الأسباب التي سببها الله ولولاها ما كانوا توقعوا ولو قطرة واحدة تنزل من السماء، فاحتمال عدم الحدوث يكون أكثر من الحدوث، وكثير منا يعلم هذا الشيء.
- رابعاً: أن الآجال مكتوبة عند الله فمن قبل أن يُخلق الإنسان مُسلماً كان أو مُشركاً فإن أجله مكتوب وسيصيبه في الوقت الذي قُدر له أن يموت فيه هذا الشخص، فمهما بلغ الشخص من علم ومهما قام بتحصين نفسه سيعيش ما قد قدر الله له أن يعيش فلا يتأخر أجله لحظة ولا يتقدم لحظه كُلنا سنموت ونحن مُستوفون أجلنا.
- خامساً وأخيراً: لا أحد يعلم موعد قيام الساعة سوى الله سبحانه وتعالى والدليل على هذا الشيء الحديث الشريف الذي وردت فيه هذه المحادثة ما بين أمين الوحي جبريل عليه السلام وما بين الصادق الأمين عليه أفضل الصلاة والسلام
“عن عمر رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه،
وقال: يا محمّد أخبرني عن الإسلام؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً”، قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدّقه، قال: فأخبرني عن الإيمان؟
قال: “أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره”، قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: “أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك”.
قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: “ما المسؤول عنها بأعلم من السائل”، قال: فأخبرني عن أماراتها؟
قال: “أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان”، ثم انطلق. فلبثت ملياً، ثم قال: “يا عمر أتدري من السائل ؟”
قلت: الله ورسوله أعلم، قال: “فإنه جبريل أتاكم يعلّمكم دينكم”[رواه مسلم].
من خلال الحديث السابق يتضح لنا من سؤال جبريل عليه السلام لرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أن الساعة علمها بيد الله عز وجل فقط لا غير أما أماراتها وعلامات حدوثها فقد حدث منها الكثير لكن وقت الحدوث لا يعلمه إلا الله؛ أسأل الله لي ولكم بأن نكون من الأمنين يوم تقوم الساعة.
لا يفوتك أيضًا: أحاديث نبوية عن بر الوالدين
حديث من قال إنه يعلم الغيب فقد كذب
الحديث دلالة على أن عالم الغيب هو الله وحده، ولا أحد سواه، كما أن الحديث تكذيب لأي شخص يدعي علمه بالغيب.
“مَن حَدَّثَكَ أنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأَى رَبَّهُ، فقَدْ كَذَبَ، وهو يقولُ: {لَا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ} [الأنعام: 103]، ومَن حَدَّثَكَ أنَّه يَعْلَمُ الغَيْبَ، فقَدْ كَذَبَ، وهو يقولُ: لا يَعْلَمُ الغَيْبَ إلَّا اللَّهُ.”[عن عائشة أم المؤمنين: صحيح].
هُنا من خلال هذا الحديث يؤكد مرة أُخرى أن الغيب من علم الله سُبحانه وتعالى وإنكار الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة والسلام خير دليل بعد قول الله في القرآن الكريم.
فرسول الله عليه الصلاة والسلام في هذا الموضع يُكذب من يقول إنه قد رأى الله حاشاه سبحانه وتعالى فقد قال في كتابه الكريم
{لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103].
فلن يُرى الله سُبحانهُ وتعالى إلا في جنات الخلود جعلنا الله وإياكم من ساكنيها آمين يا الله.
ويُنكر صلوات ربي وسلامه عليه أيضاً أنه يعلم الغيب فالله سبحانه وتعالى وحده العلم المُطلق في هذا الكون الفسيح.
حديث نبي الله سليمان مع شجرة الخرنوب
يأتي هذا الحديث تأكيدًا على أنه لا يوجد إنس ولا جن يعلمون الغيب، وسيتضح ذلك من ذكر الحديث.
“كان نبيُّ اللهِ سُليمانَ إذا قام في مصلاهُ رأى شجَرةً نابتةً بين يدَيهِ، فقال لها: ما اسمُكِ؟ قالت: الخُرنوبُ. قال: لأيِّ شيءٍ أنتِ؟ فقالت: لخَرابِ هذا البَيتِ
فقال: اللَّهمَّ عَمِّ عليهِم مَوتي، حتَّى يعلمَ الإنسُ أنَّ الجنَّ لا تعلمُ الغيبَ، قال: فنحتَها عَصًا يتوكَّأُ علَيها، فأكلَتها الأرَضَةُ فسَقَطت، فخرَّ، فحَزَروا أكلها الأرَضَةُ، فوجَدوه حولًا، فتبيَّنتِ الجنُّ أن لَو كانوا يَعلمون الغيبَ ما لبِثوا في العذابِ المُهينِ وكان ابنُ عبَّاسٍ يقرأها هكذا. فشكرَتِ الجنُّ الأرَضَةَ فكانَت تَأتيها بالماءِ حيثُ كانَت”[عن عبد الله بن عباس: إسناده حسن].
في هذا الحديث بيان للذي يدَعي بأن الجن يعلمون الغيب من دون الله.. فهذا الحديث يبين بُهتان السحرة والمشعوذين الذين يستعينون بالجن والشياطين ليُعينوهم على مصالحهم وعلى الشر الذي يقومون به، لكن كلهُ بأمرِ الله فلا يوجد في الأرض ولا في السماء من يفعل شيئاً بغير إرادة وعِلم الله، ولنا في قصة موت سُليمان عليه السلام خير دليل.
دعاء عبد الله بن مسعود عن علم الغيب
في هذا الدعاء تأكيد من النبي صلى الله عليه وسلم باستئثار الله عز وجل لعلم الغيب، وفيما يلي نص الدعاء.
“ اللهمَّ إنِّي أسأَلُك بكلِّ اسمٍ هو لك، سَمَّيتَ به نفسَك، أو أنزَلتَه في كتابِك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثَرتَ به في عِلمِ الغيبِ عندَك”[عن عبد الله بن مسعود: صحيح].
هذه الصيغة من صيغ الدُعاء المُتعددة التي وردت لنا عن الرسول عليه الصلاة والسلام تُبين بأن الرسول عليه الصلاة والسلام يُكرر التأكيد بأن الغيب لا يعلمهُ إلا الله.. حيث إنه حين أتى ليدعوا الله في هذا الحديث ذكر في آخره هذا القول الذي مفاده أن هناك أسماءً لله لا يعلمها إلا هو سُبحانهُ وتعالى.
لا يفوتك أيضًا: أحاديث عن الوفاء بالعهد وفضله
آيات عن علم الغيب
بعد أن ذكرنا أحاديث عن علم الغيب بالتأكيد قد ذكر الله في كتابه الكريم بعض الآيات التي تحدث فيها عن تَفردهُ سُبحانه وتعالى بعلم الغيب فعلى سبيل المثال وليس الحصر ما يلي:
{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ۚ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ۖ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ} [النجم: 32].
في هذه الآية الكريمة توضيح من الله عز وجل بأنه سُبحانه يعلم ما تقدم يد الناس أجمعين مؤمنين كانوا أو كافرين، ويوضح في آخر الآية الكريمة بأنه يعلم من اتقى من عبادهُ الصالحين ويحُث الناس بعدم التفاخر ومدح النفس بالتقوى وغير ذلك من الأمور المتعلقة بعلم اللهِ سُبحانه وتعالى.
{قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل:65].
وفي هذه الآية الكريمة تبيان وتوضيح لأن ما من أحدٍ في السماوات ولا في الأرض يعلم الغيب ولا حتى يعلمون متى سيتوفاهم الله ويقضي أجلهم.
{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه:110]
{إِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ} [النمل: 74].
ولا يقتصر علم الله سُبحانه وتعالى على ظاهر الأمور فقط ولكنه جل وعلا يعلم ما تُخفي الأنفس وما تُعلن لا فرق عِندهُ سُبحانه وتعالى عالم الغيب والشهادة.
{وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [النمل: 75].
{اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255].
وفي آية الكرسي التي تُعد من أعظم الآيات التي نزلت في القرآن الكريم نظراً لما تحويه من معاني بالطبع قرآن ربي كُلهُ عظيم لكن هذه الآية لها مكانة خاصة في قلوب المسلمين ولكن هدفي من عرض هذه الآية الكريمة الجزء الذي يقول فيهِ اللهُ عز وجل {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} صدق الله العظيم.
ما هي أقسام الغيب ؟
الغيب قد قام بتقسيمه العلماء والفقهاء في الدين الإسلامي إلى نوعان الغيب المُطلق والغيب النسبي.. وهما النوعان اللذان استأثر بهما الله لنفسه ولم يخبر به من الناس إلا عبادهِ الذين اصطفى، وفي السطور التالية شرحاً لنوعي الغيب باستفاضة:
1- الغيب المطلق
هذا النوع من الغيب الذي يستحيل أن يعلمه أحدٌ في الأرض ولا في السماء، حيث إن الله لحكمةٍ لا يعلمُها إلا هو قد فضل ألا يُعلم أي كائن كان على أمر واحد من هذه الأمور الغيبية، وفي غالب الأمر أن هذا الغيب المُطلق هو الذي تحدث عنهُ رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه حين ذكر المفاتح الخمس للغيب التي لا يعلمُها إلا الله في أحاديث عن علم الغيب.
لا يفوتك أيضًا: أحاديث نبوية عن الرضا بالقضاء
2- الغيب النسبي
هذا الغيب هو الذي حبا به الله بعض أنبيائه عليهم الصلاة والسلام أو بعض من عِبادهم الصالحين الذين اصطفاهم وانتقاهم ببالغ العناية، وأفضل مثال على هذا هو سيدنا الخِضر عليه السلام في رحلته مع كليم الله سيدنا موسى التي قد ذكرها الله لنا في سورة الكهف.
أما ما يعلمهُ السحرة والدجالين بمُساعدة الشياطين والجن ليس من الغيب النسبي، وإنما هو من استراق السمع ليس أكثر كما قال الله سُبحانه وتعالى في الآيات الكريمة التالية:
{إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ} [الحِجر: 18].
في ختام مقالة أحاديث عن علم الغيب الغيب لا يملكهُ إلا الله حتى الغيب الذي قد عَرِفهُ بعض عبادهِ وأنبياءهِ ما هو إلا من عِند الله أيضاً فلا يغُرنك كيد السحرة والمشعوذين وكن واثقاً بالله.