حكم سجود التلاوة وماذا يقال فيها وحكم تاركها
ما هو حكم سجود التلاوة؟ وماذا يقال فيها، وما حكم تاركها؟ كل هذه الأسئلة يطرحها الكثير من المسلمين حول هذا السجود، والمعروف عنه أنه يختلف في أحكامه عن السجود المتعارف عليه في الصلاة سواء كان الفرض منها أو النافلة، والمقصود من سجود التلاوة؟ هو السجدة التي تكون عند قراءة أحد الآيات القرآنية المتواجد فيها العلامة الخاصة بالسجدة، والتي تشبه هذه العلامة:( ⇑ )، وعليه يكون على القارئ أن يسجد سجدة التلاوة.
ما حكم سجود التلاوة
على الرغم من أن إجابة جمهور الفقهاء على سؤال ما حكم سجود التلاوة؟ جاءت واحدة. إلا أنه بسبب وجود بعض الآراء المختلفة، حدث خلاف يسير بينهم أدى إلى وجود قولين فيما يخص حكم سجود التلاوة.
- سنة ليست واجبة: اتفق جمهور الفقهاء، ومنهم المالكية والحنابلة والشافعية على أن سجدة التلاوة سنة مؤكدة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولذلك يستحب فعلها. إلا أنها ليست فرض أو واجبة. مما يعني أنه لا يسحاب عليها المرء إن تركها، وقد استند أصحاب هذا الرأي على بعض الأحاديث التي وردت في السنة النبوية الشريفة. بالإضافة إلى ما وجد في الأثر عن السلف الصالح.
♦ الدليل من السنة:
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما-: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم. فسجد بها فما بقي أحد من القوم إلا سجد. فأخذ رجل من القوم كفا من حصى – أو تراب – فرفعه إلى وجهه، وقال: يكفيني هذا. قال عبد الله: فلقد رأيته بعد قتل كافراً».
عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-، قال: «قرأت على النبي -صلى الله عليه وسلم- [والنجم]. فلم يسجد فيها».
♦ الدليل من الأثر:
«أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل، حتى إذا جاء السجدة، نزل فسجد وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة، قال: يا أيها الناس! إنا نمر بالسجود. فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه. ولم يسجد -عمر رضي الله عنه-».
- واجباً مطلقاُ: هذا الرأي هو الأضعف، والذي قال به كلِِ من الحنفية والإمام أحمد -رحمه الله-، حيث يرى هؤلاء أن سجدة التلاوة واجب. مما يعني أن المسلم يحاسب عليه إن تركه أي يأثم. إلا أن هذا الرأي لم يوجد له دليل سواء كان في السنة أو عند السلف من صحابة رسول الله -رضوان الله عليهم أجمعين-.
ويمكن التعرف على حكم سجود التلاوة بالتفصيل، من “هنا”.
حكم سجود التلاوة على السرير
استند قول العلماء في الإجابة على سؤال ما حكم سجود التلاوة على السرير؟ على قول كبار جمهور العلماء، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية. فرأى هؤلاء العلماء أنه يجوز الصلاة على السرير وكل ما هو ثابت مثله مثل الأرض والصلاة صحيحة. طالما يتجه المصلي اتجاه القبلة، وينطبق هذا الحكم على الفروض والنوافل، وعليه فإنه يجوز سجود التلاوة على السرير.
هذا وقد جاء الشرح مفصلاً، لِحكم سجود التلاوة على السرير أو أي سطح مرتفع عن الأرض، وفقاً لآراء كبار العلماء، “هنا”.
حكم سجود التلاوة في السيارة
جاء في حكم سجود التلاوة في السيارة، أنه يجوز شرعاً, كما أنه يشرع للمسافر في سيارة أو سفينة أو أي وسيلة مواصلات أخرى، والذي تمر عليه سجدة تلاوة عند تلاوته القرآن أو الإستماع إليه بغرض التعلم أن يسجد بطريقتين، هما:
- أن يستجد على الأرض: إن تمكن المسافر بالسيارة أن يتوقف ويسجد على الأرض أو أي جسم صلب متصل بالأرض سجدة التلاوة. فإنه يفضل ذلك.
- يومئ برأسه: إن لم يتمكن المسافر أن يسجد على الأرض أو أي شيء أخر متصل بها. فإنه يجوز له شرعاً أن يومئ برأسه فقط، مثله مثل صلاة النافلة, كما جاء في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
روى أبو داود، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، أنه قال: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ عام الفتح سجدة. فسجد الناس كلهم، منهم الراكب، والساجد في الأرض، حتى إن الراكب لِيسجد على يده».
كما أنه يجوز له أن يترك سجدة التلاوة، إن عجز عن فعلها. إلا أنه من المستحب أن يقوم بها طالما مرة بسجدة. خاصة أنه يمكنه أن يكتفي بالإيماء برأسه, كما وضحنا. أما الاتجاه ناحية القبلة باعتبارها أحد فروض الصلاة الصحيحة. فإنه في هذه الحالة، لا يشترط إن لم يتمكن الراكب من تحديد اتجاه القبلة، ويمكنه أن يسجد في اتجاه سيره بالسيارة، تطبيقاً لِقوله تعالى:
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). [البقرة: 115].
عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال: «كان رسول الله يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه؛ قال: وفيه نزلت: (فأينما تولوا فثم وجه الله) [البقرة: 115]».
فيما يمكنكم التعرف على أقوال العلماء بالتفصيل في هذه المسألة، من “هنا”.
حكم سجود التلاوة في أوقات النهي
اختلف جمهور الفقهاء في حكم سجود التلاوة في أوقات النهي، حيث جاء هذا الخلاف على قولين، هما كالتالي:
- القول الأول: قال أصحاب هذا الرأي: أنه يجوز سجود سجدة التلاوة في أوقات النهي! معتمدين في ذلك على ما ورد في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنه قد نهى عن الصلاة في مثل هذه الأوقات. إلا صلاة الفروض أو الصلاة بسبب، وقد اعتبر أصحاب هذا الرأي أن سجدة التلاوة تدخل ضمن صلاة ذوات الأسباب، وقد قال بهذا الرأي كلاً من: (الشافعية، رواية عن الإمام أحمد، ابن تيمية، ابن عثيمين، ابن باز. بالإضافة إلى مجموعة أخرى من كبار العلماء).
- القول الثاني: قال أصحاب هذا الرأي: أنه لا يجوز سجود سجدة التلاوة في أوقات النهي! واستندوا في رأيهم هذا على الأدلة الواردة في سنة نور الهدى -صلوات الله عليه وتسليمه-، التي تنهى عن الصلاة دون أسباب أو اضطرار، وقد ذهب مع هذا الرأي: (المالكية، الحنفية، الحنابلة).
فيما يمكن التعرف على أوقات النهي وأسباب نهي رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة فيها، والصلوات التي يمكن أن تصلى في هذا الوقت، من خلال الحديث النبوي الشريف، الذي يقول:
عن عمرو بن عبسة -رضي الله عنه-، قال: «قلت يا رسول الله! أي الليل أسمع؟ قال جوف الليل الآخر فصل ما شئت فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى تصلي الصبح (ثم أقصر حتى تطلع الشمس فترتفع قيس رمح أو رمحين. فإنها تطلع بين قرني شيطان ويصلي لها الكفار، ثم صل ما شئت. فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى يعدل الرمح ظله ثم أقصر. فإن جهنم تسجر وتفتح أبوابها. فإذا زاغت الشمس فصل ما شئت. فإن الصلاة مشهودة حتى تصلي العصر ثم أقصر حتى تغرب الشمس. فإنها تغرب بين قرني شيطان ويصلي لها الكفار)».
حكم سجود التلاوة بدون حجاب
وقع في حكم سجود التلاوة بدون حجاب خلاف كبير بين كبار العلماء، حيث يرى بعضهم وجوب الحجاب عند سجود التلاوة. بينما البعض الآخر يرى عدم وجوبه وجواز السجدة بدون الحجاب.
- لا يجوز سجود التلاوة بدون حجاب: أن سجدة التلاوة يلزمها شروط مثلها مثل صلاة النافلة حتى تصح، وهذه الشروط تتمثل في: (النية، استقبال القبلة، الطهارة، ستر العورة). لذلك قال أصحاب هذا الرأي أنه لا يجوز للمرأة أن تسجد سجدة التلاوة بدون حجاب؟! لأن الحجاب فرض عليها، ولأن الشعر للمرأة ضمن العورة التي يجب تغطيته عند الصلاة.
عن أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال: « لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار».
ملاحظة: المقصود من الحائض هنا، المكلفة التي نزل عليها دم الحيض أو احتلمت. فأصبحت مكلفة وتحاسب، وليس المقصود وقت الحيض.
- يجوز سجود التلاوة بدون حجاب: ذهب أصحاب هذا الرأي إلى أنه يجوز للمرأة أن تسجد سجدة التلاوة بدون حجاب؟! لأن سجود التلاوة لا يشترط له ما يشترط للصلاة سواء كان الفرض أو النافلة، لأنه ليس بصلاة، مثله مثل سجدة الشكر، وقد قال بهذا الرأي الشيخ ابن باز -رحمه الله-.
بسبب الخلاف الكبير الواقع بين جمهور الفقهاء في هذه المسألة، يقال أنه من الأحوط الأخذ بالقول الأول. أي تطبيق شروط الصلاة على سجدة التلاوة، وعليه سجود هذه السجدة بالحجاب.
حكم سجود التلاوة بدون طهارة
مثلما يوجد خلاف بين جمهور الفقهاء على حكم سجود التلاوة بدون حجاب بالنسبة للمرأة. فإنه أيضاً يوجد خلاف بينهم فيما يخص حكم سجود التلاوة بدون طهارة، والمقصود هنا بدون وضوء. فنجد أن الخلاف بين العلماء منقسم على قولين:
- الرأي الأول: يرى هؤلاء أنه لا يجوز تأدية سجدة التلاوة بدون طهارة “وضوء”؟! لأنها مثل سجدة السهو التي يلزم لها الوضوء، لأنها تعد صلاة، وقد قال بهذا الرأي أصحاب المذاهب الأربعة: (المالكية، الحنفية، الشافعية، الحنابلة)، وعليه. فإن سجود التلاوة لا يصح بدون طهارة, كما أخبرنا رسولنا الكريم -صلوات الله عليه وتسليمه-، في سنته النبوية الشريفة.
عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور».
- الرأي الثاني: قال السلف -رضوان الله عليه أجمعين-، ومعهم الإمام البخاري -رحمه الله والكثير من كبار العلماء مثل: شيخ الإسلام ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين -رحمهم الله-: أنه يجوز سجود التلاوة بدون طهارة “وضوء”، لأكثر من سبب :
- أنه لم يرد في أي من الأحاديث التي تخص سجدة التلاوة، أن الساجد لابد وأن يكون على وضوء.
- لم يأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالوضوء لسجود التلاوة من بين هؤلاء الذين كانوا يحضرون تلاوته للقرآن الكريم، وكانوا يسجدون سجود التلاوة، وغير مستبعد أن يكون بعضهم ليس على وضوء.
- أن سجدة التلاوة مثلها مثل سجدة الشكر ليست بصلاة؟! لأنه ثبت أن الصلاة يجب أن تكون ركعة تامة. أي قراءة القرآن والركوع والسجود أو عدد ركعات أكثر، وكل ذلك لا يتوافر في سجدة التلاوة، وعليه: فهي ليست صلاة، ولا يشترط له وضوء. بل هي مثلها مثل الأذكار والتسابيح الأخرى.
حكم سجود التلاوة للحائض
قبل أن نوضح حكم سجود التلاوة للحائض. يجب أن نوضح أن الحائض لا يجوز لها شرعاً قراءة القرآن الكريم من المصحف الشريف. بل أنه يجوز لها القراءة من ما تحفظه عن ظهر قلب. فإن وجدت سجدة تلاوة أثناء تلاوتها. فإن الحكم في هذه الحالة تقع لحكمين، مثلها مثل سجدة التلاوة بدون طهارة, كما وضحنا بالتفصيل في الفقرة السابقة.
إلا أن الرأي الذي يتم الأخذ به في هذه الحالة خاصة أن الحائض تكون تتلو ما تحفظ من القرآن ولا تقرأ من المصحف مباشرةً، أنها يجوز لها سجود التلاوة؟! لأنها كما سبق وأن وضحنا، لا تعد من الصلوات. بل هي من الأذكار والتسابيح التي لا يلزم لها الطهارة أو الاغتسال من الحيض, كما هو الحال في سجدة الشكر، التي يمكن التعرف على الأحكام الخاصة بها بالتفصيل، من “هنا”.
حكم سجود التلاوة في الصلاة المفروضة
اتفق جمهور الفقهاء على حكم سجود التلاوة في الصلاة المفروضة على أنه يجوز السجود ويجوز تركه لأنه سنة وليس واجباً. طالما كان هناك سجدة تلاوة أثناء تلاوة القرآن في الصلاة، لأنه أمر بالسجود في الآية وليس صلاة منفردة، وينطبق هذا الحكم على الصلوات المفروضة والنوافل معاً
إلا أن حكم سجود التلاوة في الصلاة المفروضة قد يختلف في بعض الأحيان بناء على حالة هذه الصلاة، وما إن كانت هذه الصلاة في جماعة أو منفرداً؟ وإن كانت في جماعة، هل هي جهرية أم سرية؟ هذا بالإضافة إلى أن حكمها يختلف على كلِِ من الإمام والمأمومين.
حكم سجود التلاوة في صلاة الجماعة
يختلف حكم سجود التلاوة في صلاة الجماعة، وفقاً لحالة الصلاة! بمعنى أنها هل هي جهرية أم سرية؟ كما أن حكم سجود التلاوة يختلف من الشخص الذي يؤم الناس والتابعين له.
- حكم سجود التلاوة في الصلاة الجهرية: المقصود هنا صلاة الفجر وأول ركعتين في كلِِ من صلاة المغرب والعشاء. بالإضافة إلى صلاة الجمعة.
- الإمام: في حالة قرأ الإمام آية بها سجدة تلاوة، يجوز له السجود، يتبعه من بعده المصليين ويسجدون، ولا يشترط أن ينبه بوجود سجدة تلاوة؟! لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل ذلك. إلا أن البعض قد قال أنه في حالة وجود عازل بين صفوف المصليين وبعضها البعض. بحيث تمنع رؤية البعض للصفوف التي أمامهم واتباعها أو وجود النساء في مكان آخر. فيجوز له التنبيه على وجود سجدة تلاوة.
- المأموم: يجب على المأموم أن يتبع الإمام إن سجدة في سجود التلاوة، ولكنه إن قرأ هو من دون الإمام آية فيها سجدة، لا يجوز له السجود؟! لأنه في هذه الحالة قد يسبب الفوضى, كما أنه يخالف سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في ضرورة اتباع الإمام في صلاة الجماعة.
- حكم سجود التلاوة في الصلاة السرية: هي صلاة الظهر والعصر. بالإضافة إلى الركعة الأخيرة من صلاة المغرب، وآخر ركعتين من صلاة العشاء.
- الإمام: لا يجوز للإمام سجود التلاوة، في الصلاة السرية! حتى لا يشوش على الناس بين سجود الصلاة وهذه السجدة.
- المأموم: لا يجوز له سجود التلاوة إن قرأ آية بها سجدة؟! لأنه قد يؤدي إلى حدوث فوضى؟! بسبب أنه قد يتبعه بعض المصلين من ورائه الذين لا يرون الإمام ويتبعون صف المصلين من أمامهم، وهو المتبع من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, كما جاء في الحديث:
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخرا ، فقال لهم : (تقدموا فأتموا بي ، وليأتم بكم من بعدكم ، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله)».
حكم سجود التلاوة في صلاة الفرد
لا يختلف حكم سجود التلاوة في صلاة الفرد من صلاة لأخرى. مثلما هو الحال في صلاة الجماعة، بمعنى أنه يجوز للفرد سجود التلاوة عندما يقرأ آية بها سجدة سواء كان يصلي صلاة جهرية أو سرية. طالما يصلي لوحده، ولا يؤثر بسجدته هذه على أحد آخر, كما أنه يجوز له أن يترك هذه السجدة إن أراد؟
لأنها سنة وليست واجبة، وقد ثبت عن خاتم المرسلين جميعاً سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، أنه قد سجد في أحد المرات وتركها في مرة أخرى، ويجب علينا اتباع سنته الكريمة، لما جاء في الحديث الشريف:
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «صلوا كما رأيتموني أصلي». رواه البخاري (631).
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما-: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم. فسجد بها فما بقي أحد من القوم إلا سجد. فأخذ رجل من القوم كفا من حصى – أو تراب – فرفعه إلى وجهه، وقال: يكفيني هذا. قال عبد الله: فلقد رأيته بعد قتل كافراً».
عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-، قال: «قرأت على النبي -صلى الله عليه وسلم- [والنجم]. فلم يسجد فيها».
كيفية سجود التلاوة في الصلاة
كيفية سجود التلاوة في الصلاة، هي أحد أكثر الأسئلة المطروحة من البعض حول هذه المسألة، والتي أجاب عنها علماء الدين على أنها تكون بالسجود المباشر عند قراءة إحدى آيات سجود التلاوة. إلا أن يجب على المصلي أن يكبر عند الانخفاض للسجود ثم يكبر عند القيام مرة أخرى بعد هذه السجدة دون أن يرفع يديه مثله مثل السجود في الصلاة، وعند القيام يعود واقفاً ولا يستريح مثلما يتم في سجود الصلاة.
حكم القراءة بعد سجود التلاوة في الصلاة
قال أهل العلم أن حكم القراءة بعد سجود التلاوة في الصلاة، هو أمر اختياري وليس بواجب! بمعنى أنه يجوز للقارئ سواء كان إماماً في صلاة جماعة أو صلاة فرد بعد أن ينتصب قائماً من سجدة التلاوة، أن يفعل أحد الأمرين:
- يكمل تلاوة ما تيسر من القرآن الكريم ثم يركع بعدها: في حالة رغب المصلي في إكمال القراءة بعد سجدة التلاوة، ويكون إكمال التلاوة هنا قبل الركوع منقسم إلى حالتين:
- السجدة ضمن السورة: بمعنى أن الآية التي يكون بها سجدة التلاوة ليست الأخيرة فيها. مما يعني أن المصلي عندما يقوم منها لإكمال التلاوة. فإنه يكمل تلاوته من نفس السورة.
- السجدة آخر السورة: إن كانت سجدة التلاوة هي الآية الأخيرة في السورة القرآنية. بأن تكون في أحد السور القرآنية: (الأعراف، النجم، العلق “اقرأ”)، يجوز للقارئ أن يكمل قراءة القرآن بسورة أخرى إن أراد ذلك, وهذا هو المستحب, كما ورد في الأثر.
جاء عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، أنه: «أنه قرأ بالنجم، فسجد فيها، ثم قام فقرأ سورة أخرى».
- لا يكمل التلاوة ويركع مباشرةً: يجوز للمصلي أن يركع بعد القيام منتصباً من سجود التلاوة. دون أن يتلو آيات أخرى حتى وإن لم تكن آية السجود هي آخر آية في السورة التي يقرأ فيها. طالما أكتفى القارئ بما قرأه قبل سجود التلاوة.
حكم الركوع بعد سجود التلاوة
بناء على ما ورد في الفقرة السابقة. فإن حكم الركوع بعد سجود التلاوة جائز شرعاً، ولا يوجد إثم على مَن يفعل! لأن إكمال تلاوة القرآن بعد سجود التلاوة أو الركوع مباشرةً هو أمر إختياري وليس واجباً على المصلي. إلا أن المستحب هو تلاوة حتى ولو آية واحدة بعد القيام من سجود التلاوة.
حكم من قرأ سورة في آخرها سجدة في الصلاة
وضح صحابة رسول الله -رضوان الله عليهم أجمعين- حكم من قرأ سورة في آخرها سجدة في الصلاة؟ من خلال ما نقل عنهم سواء كان بالأحاديث أو بالأفعال، والتي من خلالها تعرفنا على أن المصلي الذي يقرأ أحد السور التي في آخر آياتها سجدة، وهي: (الأعراف، النجم، اقرأ)، يمكن أن يفعل أحد الثلاث:
- يقوم ويكمل القراءة من سورة أخرى، ثم يركع: جاء عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، أنه: «أنه قرأ بالنجم، فسجد فيها، ثم قام فقرأ سورة أخرى».
- لا يسجد سجدة التلاوة، ويكتفي بالركوع والسجود في الصلاة: عن ابن مسعود -رضي الله عنه-. قال «من قرأ الأعراف والنجم و{اقرأ باسم ربك الذي خلق}. فإن شاء ركع بها وقد أجزأ عنه وإن شاء سجد ثم قام. فقرأ السورة [وركع] وسجد». في رواية أخرى: عن عبد الله بن مسعود قال: «إذا كانت السجدة خاتمة السورة : فإن شئت ركعت ، وإن شئت سجدت».
- يقوم منتصباً ثم يركع دون قراءة شيء آخر: أي أنه يكتفي بالسورة التي قرأها قبل سجود التلاوة.
هل يجوز تأجيل سجدة التلاوة في الصلاة
أجاب جمهور الفقهاء على سؤال هل يجوز نأجيل سجدة التلاوة في الصلاة؟ أنه لا يجوز تأجيل سجدة التلاوة. بحيث يجب على المصلي الذي قرأ أحد الآيات أن يسجد عند الآية الخاصة بهذه السجدة في وقتها، وذلك في حالة رغب في ذلك، وهو المستحب.
إلا أنه في حالة لم يسجد المصلي عند قراءته لإحدى هذه الآيات، لا يسجد بعد ذلك أو بعد انتهائه من تلاوة القرآن كاملاً؟ لأن هذه السجدة هي بمثابة الأمر بالسجود وخشوعاً لله -سبحانه وتعالى- وتنفيذاً لأوامره إلا أنها سنة غير واجبة، وعليه لا يكون عليها قضاء، ويمكن تركها إن أراد المصلي عدم سجودها. خاصة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لم يسجد في أحد المرات, كما جاء في حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه-.
عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-، قال: «قرأت على النبي -صلى الله عليه وسلم- [والنجم]. فلم يسجد فيها».
ماذا يقال في سجود التلاوة
ماذا يقال في سجود التلاوة؟ هو أكثر الأسئلة التي يتم طرحها على أهل العلم من الناس. لهذا حرص العلماء على توضيح أن ما يجوز قوله بناء على ما ورد في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
- التسبيح: ذهب الأئمة الأربعة إلى أنه يشرع التسبيح في سجود التلاوة مثلما يسبح العبد في سجود الصلاة, كما يجوز له أن يدعو بما شاء.
«سبحان ربي الأعلى». (ثلاث مرات).
- الدعاء من السنة: يشرع قول ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهما دعائين. بحيث يمكن قول أحدهما أو قول كلاهما في سجدة التلاوة.
عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، قالت: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجود القرآن بالليل: (سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره)».
عن عبدالله بن العباس -رضي الله عنهما-، أنه قال: «جاء رجل إلى رسول الله. فقال: يا رسول الله! إني رأيت في هذه الليلة فيما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة. فرأيت كأني قرأت سجدة، فرأيت الشجرة كأنها تسجد بسجودي. فسمعتها وهي ساجدة وهي تقول : (اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وضع عني بها وزراً، واقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود). قال ابن عباس: (فرأيت رسول الله قرأ السجدة. فسمعته وهو ساجد يقول مثل ما قال الرجل عن كلام الشجرة)».
- التسبيح والدعاء معاً: أباح بعض العلماء قول كلِِ من التسبيح الذي يقال في السجود والأدعية التي وردت في السنة النبوية الشريفة.
- «سبحان ربي الأعلى». (ثلاث مرات).
- (سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره).
- (اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وضع عني بها وزراً، واقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود).
ملاحظة: قال بعض العلماء أن قول التسبيح في سجدة التلاوة أو التسبيح ومعه الدعاء من السنة. يكون للذي يسجد سجود التلاوة أثناء الصلاة. بينما مَن كان يقرأ دون الصلاة، يفضل أن يكتفي بالدعاء فقط دون التسبيح. إلا أنه ليس الرأي الراجح.
ماذا يقال في سجدة التلاوة إذا لم أسجد
عند الإجابة على سؤال ماذا يقال في سجدة التلاوة إذا لم أسجد؟ يجب التفريق بين حالتين، هما كالتالي:
- عدم السجود متعمداً: في هذه الحالة لا يجب على مَن لم يسجد سجود التلاوة أن يقول شيئاً، سواء كان يصلي أو يقرأ القرآن دون الصلاة، وليس عليه إثم أو ذنب! لأنه كما سبق وأن وضحنا في أكثر من مناسبة أن سجود التلاوة سنة وليس واجب.
- عدم السجود على الأرض والإيماء بالرأس: يجوز للمرء الذي يقرأ آية بها سجدة تلاوة أن يومئ برأسه في حالة كان مسافراً. أي في سيارة أو في طائرة أو باخرة ونحوه من وسائل المواصلات، ولم يتمكن من السجود على الأرض أو شيء متصل بها، وفي هذه الحالة؟ يكتفي الإنسان بالإيماء برأسه مع قول ما يقال في سجدة التلاوة. إما التسبيح أو الدعاء من السنة أو كلاهما معاً.
- «سبحان ربي الأعلى». (ثلاث مرات).
- (سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره).
- (اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وضع عني بها وزراً، واقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود).
كيفية سجود التلاوة خارج الصلاة
اختلف أهل العلم على قولين فيما يخص كيفية سجود التلاوة خارج الصلاة؟ وجاء هذا الإختلاف على ما إن كان يتم التكبير لها عند الإنخفاض والقيام منها؟ أم يتم السجود والقيام منه دون التكبير؟
- القول الأول: قال أصحاب المذاهب الأربعة، أن سجدة التلاوة يتم التكبير لها عند الإنخفاض والسجود ثم التكبير مرة أخرى عند القيام منها، وقد استندوا في رأيهم هذا على أمرين، هما:
- سجدة التلاوة مثلها مثل سجدة السهو، والتي يكون لها تكبير على الرغم من أنها تكون بعد التسليم من الصلاة.
- هي تشبه السجود في الصلاة، والذي يكون التكبير له عند الخفض له والرفع منه.
- القول الثاني: يقتصر التكبير على الخفض للسجود فقط. بينما لا يتم التكبير عند القيام منه، وهذا الرأي قد قال به: الإمام أبي حنيفة -رحمه الله، وبعض من الحنابلة. بالإضافة إلى ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله-، وقد استندوا في قولهم هذا:
- عدم وجود أي نص سواء كان في السنة النبوية الشريفة أو الأثر يدل على التكبير بعد القيام من سجود التلاوة.
حكم السلام بعد السجدة في القرآن
جاء حكم السلام بعد سجود التلاوة، بالإجماع بين السلف وجموع العلماء سواء كان أصحاب المذاهب الأربعة أو كبار العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين -رحمهم الله جميعاً-، على أنه: سجود التلاوة ليس له تسليم ولا يشرع فعل ذلك. أي أن القارئ يسجد سجود التلاوة ويقول ما يقال فيها، ثم يرفع منها ويكمل تلاوته إن أراد أو ينتهي من تلاوة القرآن الكريم إن انتهى.
حكم سجود التلاوة للقارئ
ذهبت معظم الآراء عند أهل العلم إلى أن سجود التلاوة سنة وليس واجباً. عدا مجموعة من الأحناف الذين يرون أنه واجباً. إلا أن الحكم الراجح والذي يتم العمل به بناء على ما ورد في سنة نور الهدى -صلوات الله عليه وتسليمه- وما فعله أصحابه -رضي الله عنهم أجمعين- يقول أنها سنة. لذلك حكم سجود التلاوة للقارئ سنة وليس واجباً. فإن أراد السجود يسجد، وإن لم يرغب في ذلك ليس عليه شيء ولن يحاسب على ذلك.
حكم سجود التلاوة للمستمع
حكم سجود التلاوة للمستمع مثله مثل حكم سجود التلاوة للقارئ. أي أنه سنة وليس واجباً، والخيار يعود إليه إما بالسجود أم لا، والدليل على ذلك ما ورد في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, كما جاء في الحديث الشريف:
عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، أنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة في غير الصلاة , فيسجد , ونسجد معه , حتى لا يجد أحدنا مكانا لموضع جبهته».
إلا أنه يجب التفريق هنا بين حالة المستمع، وما إن كان جالساً ليستمع إلى تلاوة القرآن قاصداً. ام كان غير قاصداً، ومر عند تلاوة آية السجدة، وفي الحالة الأخيرة، انقسمت الآراء إلى قولين، هما:
- القول الأول: لا يستحب له السجود، وهو الرأي الراجح الوارد عن الكثير من صحابة رسول الله -رضي الله عنهم أجمعين-، منهم ما روي عن الخليفة الثالث للمسلمين:
روي عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- : «أنه مر بقاص. فقرأ القاص سجدة ليسجد عثمان معه. فلم يسجد».
- القول الثاني: أن حكم سجود التلاوة للمستمع عن عمد لا يختلف عن الذي سمع دون قصد أو بالصدفة. لذلك يستحب له أن يسجد سجود التلاوة طالما سمعها حتى وإن كان عابراً، وقد اعتمد أصحاب هذا الرأي على ما قاله ابن عمر:
روي عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، أنه قال: «إنما السجدة على من سمعها».
إلا أن أصحاب القول الأول، ومنهم الإمام البخاري -رحمه الله-. أن مقولة ابن عمر ليست سند كاف على أن المستمع دون قصد يستحب له أن يسجد سجود التلاوة؟! لأنه ربما كان يقصد بقوله هذا، الذي سمعها عن عمد.
ما حكم ترك سجود التلاوة
يمكن الإجابة على سؤال ما حكم ترك سجود التلاوة؟ من خلال الحكم الخاصة بهذا السجود، والذي سبق وأن ذكرناه في الفقرة الأولى. من هذا التقرير، وهو أن الرأي الأرجح أنه سنة وليس واجب, كما ورد في سنة رسولنا الكريم -صلوات الله عليه وتسليمه-؟ أنه قد سجد سجود التلاوة عندما قرأها. بينما لم يسجد في وقت آخر.
هذا بالإضافة فعل الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. بأنه قد اتبع خطى رسول الله، في سجوده سجدة التلاوة مرة وتركها أحد المرات.
وبناء على ما ورد في السنة والأثر. فإن ترك سجود التلاوة جائز، ولا يأثم المسلم إن تركه ولا يحاسب عليه. إلا أنه يؤجر عليه إن سجد هذه السجدة؟! لأنه ليس واجباً بل سنة. لذلك يستحب أن يسجد المسلم سجود التلاوة كلما مر بها عند قراءة القرآن الكريم.
فضل سجدة التلاوة من السنة
على الرغم من أن سجود التلاوة ليس واجباً ولا يحاسب عليه المرء إن تركه. إلا أنه يجازى عليه إن حرص عليه في كل مرة يتلو آية بها سجدة تلاوة، ويمكن التعرف على فضل سجدة التلاوة من السنة النبوية, كما جاء في أحد الأحاديث النبوية الشريفة، التي تقول:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال: «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله، (وفي رواية أبي كريب: يا ويلي)، أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار». وفي رواية: «…فعصيت فلي النار».
هل يجوز تأجيل السجدة في القرآن
أجمع جمهور الفقهاء على أن وقت سجود التلاوة يكون عند قراءة آية قرآنية بها أحد السجدات، ولا يمكن أن يتم تجاوز هذه الآية وإكمال القراءة ثم السجود سجدة التلاوة بعد ذلك, كما أنه لا يجوز شرعاً جمع سجدات التلاوة دفعة واحدة، وهذه هي الإجابة على سؤال هل يجوز تأجيل سجدة التلاوة في القرآن؟ كما قالوا أنه إن ترك الإنسان سجدة التلاوة لأي سبب كان، ليس لها قضاء. إلا أن المستحب اتباع السنة النبوية الشريفة في سجود التلاوة في وقتها دون تركها.
إجمالاً لما ورد في هذه المقالة. فإننا قد وضحنا حكم سجود التلاوة وما إن كان سنة أو واجباً؟ بالإضافة إلى أننا قد وضحنا الحكم الخاص بها سواء كان في الصلاة أو خارجها مع توضيح كيفية أدائها وحكم من يتركها، وبناء على ما قدمناه، نرجو أن نكون قد أجبنا على كامل الأسئلة التي يرغب الناس في معرفتها فيما يخص سجود التلاوة وأحكامه كاملة.